ومن الأمثلة على محاولة التأويل والتشكيك لحديث الغدير، كلمة الدكتور في نص المحاضرة، حيث حاول صرف هذا الحديث عن موقعه، وكذلك ابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة " إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة - كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته...
وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده " (1) ولكن ابن حجر يسرع بالإمساك بمبدأ التأويل والإجماع ويقرر أنه:
يتعين تأويله - حديث الغدير - على ولاية خاصة... على أنه وإن لم يحميك التأويل، فالإجماع على حقية ولاية أبي بكر وفرعيها قاض بالقطع بحقيتها لأبي بكر وبطلانها لعلي " (2) وقد فات ابن حجر أن الإجماع لا مورد له مع وجود النص خصوصا إن كان النص لا يحتمل التأويل وإلا كان الإجماع مخالفا له وهو مشاقة لله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وسوف نذكر العديد من النصوص والروايات التي وردت من طرق أهل السنة وحفاظهم، والتي نفى وجودها ابن حزم الأندلسي، وابن خلدون وغيرهما، وأن جهابذة علماء أهل السنة ورواتهم لا يعرفون مثل هذه الآحاد، ليرى المنصف الغيور على الإسلام قيمة هؤلاء الكتاب، ومدى أمانتهم العلمية في نقل الأخبار عن صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومدى محاولاتهم في تغيير الحقائق، وتكذيب ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسانيد صحيحة، وروايات فصيحة، لا تقبل الشك والتأويل وإليك نبذة منها:
يقول سبط بن الجوزي: " اتفق علماء أهل السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفا وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه... الحديث. نص (صلى الله عليه وآله وسلم) على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة.
وذكر أبو إسحق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان