كأسماء بني هارون فسماهم حسنا وحسينا ومحسنا وقال: " إنما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر (1) أراد بهذا تأكيد المشابهة بين الهارونين وتعميم الشبه بينهما في جميع المنازل وساتر الشؤون وأما عموم هذه المنازل فثابت في نص الحديث، وذلك لما تقرر في أصول الفريقين من أن اسم الجنس المنكر المضاف إلى المعرفة يفيد العموم وكلمة منزلة نكرة مضافة إلى هارون المعرفة، فهي تفيد الشمول والعموم لجميع تلك المنازل التي تقدم ذكرها ويؤكد هذا ويقرره الاستثناء فإنه لا يكون إلا من العموم هذا أولا.
وثانيا: إن حديث المنزلة قد اشتمل على مستثنى منه ففيه عموم وخصوص، ولو صح ما ادعاه لزمه أن يقول ببطلان العموم والخصوص معا في الحديث، ونسبة اللغو إلى النبي، وذلك لأن كل عربي وغير عربي إذا درس لغة العرب، يفهم من القول المشتمل على مستثنى ومستثنى منه أنه يريد العموم، وأن الحكم فيه على الاستيعاب دون المستثنى، فالمستنثى يوجب خروجه من ذلك الحكم الوارد على المستثنى منه وهذا هو المفهوم من ذلك عند أهل اللسان بلا كلام.
ولهذه الغاية نفسها قد اتخذ عليا أخاه وآثره بذلك على من سواه تحقيقا لعموم الشبه بين منازل الهارونين من أخويهما، وحرصا على أن يكون ثمة من فارق بينهما وحتى آخى بين أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرتين كما سمعت، وأنتم تعرفون الحسن والحسين لكن محسنا هذا غريب في أذهان أعلام السنة، فإنه أسقط بسبب ضربة قنفذ الحبشي لسيدة نساء العالمين (الزهراء) عليها أزكى السلام، بأمر من عمر بن الخطاب، وتوفيت وهي تشكو من كسر ضلع لها - وسقطها التي أجهض قبل أوانه.
وهناك وجه شبه آخر بين وصي خاتم الأنبياء ووصي النبي موسى (عليه السلام). فإن يوشع بن نون كان مع موسى في جبل سيناء ولم يعبد العجل،