ولكن فعلت فيهم السياسة فعلها الفاتك ففرقت كلمتهم وأزالت وحدتهم ومجدهم. فصاروا خصوما متباعدين، بعد أن كانوا إخوانا متحابين واشتغلوا بالحروب الداخلية عوضا عن دفع خصومهم وأعدائهم.
وأكثر هذه المفاسد إنما أتتنا من أرباب السياسات ورؤساء الحكومات الذين لم يكن لهم هم إلا الاستيلاء على عباد الله ليجعلوهم خولا ومال الله دولا فأثاروا الفتن، وقلبوا الإسلام رأسا على عقب، وضيعوا السنن والأحكام وعطلوا الحدود، وأحيوا البدع، وقضوا بالجور والتهمة، واستخدموا عبدة الدراهم والدنانير وأمروهم بوضع الأحاديث لتأييد سياساتهم وخسروا القرآن، وحملوا ظواهر السنة وفق آرائهم، ومنعوا الناس عن الرجوع إلى علماء أهل البيت (عليهم السلام) الذين جعلهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عدلا للقرآن، وأمر بالتمسك بهم (1) فراجع بعين البصيرة والإنصاف كتب التاريخ والحديث حتى تعرف أثر ما فعلته السياسة الغاشمة في تلك الفظائع ولا تنس أيضا أثر سياسات خصوم الإسلام من المسيحيين واليهود وغيرهما في تأجيج نار الشحناء والبغضاء بين المسلمين.
وأقول: علينا بالتوحد وجمع الكلمة، ورص الصفوف والتقارب إسلاميا وصدق الشاعر عندما قال:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا * وإذا افترقن تكسرت آحادا والعالمون منكم والعارفون بأهداف الاستعمار يعلمون كل العلم أن تجزئة الأمة الإسلامية أعظم وسيلة تمسك بها المستعمرون للاحتفاظ بسلطتهم.
فعلينا أن ندرك أبعاد المرحلة التي تعيشها في هذا العصر كإسلاميين بغض النظر إلى المذهبية أو الطائفية.