ولما قرر المهتدي بالله خلع المعتز جيئ بالشهود من الفقهاء وغيرهم من الأعيان فشهدوا على المعتز أنه عاجز عن الخلافة فاعترف بذلك ومد يده فبايع المهتدي.. (77) ولما حجر على الخليفة المعتمد جمع الفقهاء والقضاة والأعيان وطلب منهم أن يخلعوه فخلعوه كذلك حين خلع القاهر أقر الفقهاء ثورة الجند عليه وولوا الراضي بالله وطلبوا من القاهر أن يخلع نفسه فأبى فقبض عليه الجند وقتلوه.. (78) ومن الطريف أن الفقهاء المساجد كانوا يراقبون هذه الصراعات ويبادرون على الفور برفع اسم الخليفة المخلوع أو المقتول من الخطبة ويضعون اسم الخليفة الجديد وهو في أحيان كثيرة يكون صبيا لم يبلغ الحلم.. (79) ويروي السيوطي لما خلع المقتدر بالله وتولى الخلافة عبد الله بن المعتز ولقب بالغالب بالله وباركه الفقهاء. جمع المقتدر خواصه ولبسوا السلاح فلما رآهم ابن المعتز من حوله فر منهزما ومعه وزيره وقاضيه بلا قتال، وقبض المقتدر على الفقهاء والأمراء الذين خلعوه وسلموا إلى يونس الخادم فقتلهم.. (80) وفي زمن المقتدر حوكم الحلاج من قبل الفقهاء وحكموا بقتله بعد أن اتهموه بادعاء الألوهية والدعوة إلى القرامطة.. (81) ويروى عن الخليفة القادر أنه كان من الديانة والسيادة وإدامة التهجد بالليل وكثرة البر والصدقات وحسن الطريقة على صفة اشتهرت عنه وعرف بها كل أحد مع حسن المذهب وصحة الاعتقاد. تفقه على يد أبي بشر الهروي الشافعي، وقد صنف كتابا في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب أصحاب الحديث وأورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وإكفار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن وكان ذلك الكتاب يقرأ في كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث بجامع المهدي ويحضره الناس، وترجم له ابن الصلاح في طبقات الشافعية (82)
(٢٨)