ولما هيمن السلاجقة على بغداد في عهد الخليفة القائم وظهر الوزير الفقيه نظام الملك وزير ألب أرسلان أبطل ما كان عليه الحال من قبل الوزير عميد الملك من سب الأشاعرة والتعصب للحنابلة وانتصر للشافعية وأعلى من قدر الأشاعرة وأكرم إمامهم الجويني إمام الحرمين وأبا القاسم القشيري وبنى المدرسة النظامية وهي أول مدرسة بنيت للفقهاء.. (83) وتولى الخلافة بعد القائم بأمر الله المقتدي بأمر الله وكان عمره تسعة عشر عاما وأتم بيعته من الفقهاء أبي إسحاق الشيرازي وابن الصباغ والدامغاني. وقام المقتدي بعزل فخر الدولة بن جهير من الوزارة لكونه شذ عن الحنابلة.. (84) ويروي السيوطي أن السلطان السلجوقي ملك شاه ضيق الخناق على المقتدر فدعا عليه فاستجاب الله دعائه ومات ملك شاه فعد الفقهاء ذلك من كرامات المقتدر.. (85) ويروى عن الخليفة المسترشد بالله أنه سمع الحديث عن فقهاء الحديث وذكره ابن الصلاح في طبقات الشافعية. وهو الذي صنف له الفقيه أبو بكر الشاشي كتابه العمدة في الفقه وبلقبه اشتهر الكتاب فإنه كان حينئذ يلقب عمدة الدنيا والدين وذكره ابن السبكي في طبقات الشافعية.. (86) وتولى بعد المسترشد ولده الراشد فأراد السلطان مسعود السلجوقي خلعه فجمع الفقهاء وكتب محضرا فيه شهادة طائفة بما جرى من الراشد من الظلم وأخذ الأموال وسفك الدماء وشرب الخمر، واستفتاهم فيمن فعل ذلك هل تصح إمامته؟
فأفتى الفقهاء بجواز خلعه، وحكم بخلعه، وبايعوا عمه محمد بن المستظهر ولقب المقتفي لأمر الله، وقتل الراشد بعد ذلك كما قتل أبيه من قبل.. (87) ويروي الفقهاء عن المقتفي قول الرسول (ص): لا يزداد الأمراء إلا شدة ولا الناس إلا شحا ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس.. (88)