- الفقهاء والأيوبيين:
كان صلاح الدين شافعيا أشعريا متعصبا وعندما جاء إلى مصر مع أسد الدين شيركوه بأمر نور الدين محمود لدعم مصر في مواجهة الفرنجة. أكرمه الخليفة الفاطمي العاضد ووزره بعد وفاة شيركوه، فما أن تمكن صلاح الدين حتى دبر للعاضد فلم يزل أمره في ازدياد وأمر العاضد في نقصان.. (96) وعندما سقطت الدولة الفاطمية بعد وفاة العاضد سيرت الخلع من بغداد إلى نور الدين وصلاح الدين وللخطباء بالديار المصرية وأرسلت معهم الرايات السود رايات العباسيين (97) وأخذت بطانة الفقهاء المحيطة بصلاح الدين تحرضه على الشيعة فقام بصرف قضاة مصر الشيعة وفرض المذهب الشافعي وحمل الكافة على عقيدة الأشعري في مصر وبلاد الشام ومنها إلى أرض الحجاز واليمن وبلاد المغرب حتى أصبح الاعتقاد السائد الممثل لأهل السنة في سائر هذه البلاد ومن خالف عن ذلك ضرب عنقه.. (98) وولى صلاح دين صدر الدين عبد الملك بن درباس الكردي قضاء القاهرة.. (99) وقبض على أولاد العاضد وحبسهم واستولى على ما كان بالقصور من أموال وفرق بين الرجال والنساء ليكون ذلك أسرع إلى انقراضهم..
يقول ابن خلكان القاضي معبرا عن فرحته بما فعل صلاح الدين وشماتته بالفاطميين:
وكانت هذه الفعلة من أشرف فعاله فلنعم ما فعل، فإن هؤلاء كانوا باطنيين زنادقة وأضحى الدين واحد بعد أن كان أديانا والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلالة شائعة، وحقت عليهم الكلمة تشريدا وقتلا (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) (100) وقام صلاح الدين بإحراق نفائس الكتب التي حوتها دار الحكمة بالقاهرة ودار العلم الفاطميتين وأغلق جامع الأزهر وأبطل الخطبة فيه فلم يزل معطلا عن إقامة الجمعة فيه مائة عام حتى عصر السلطان الظاهر بيبرس... (101)