وكان نجم الدين الخبوشاني الفقيه الشافعي نديم صلاح الدين يحرضه على الشيعة ويفتيه بوجوب استئصالها، وكان محل ثقته ورضاه، ولما مات وجد لديه ألوف الدنانير قد جمعها بغير الحق ولم يصرفها في وجوهها المشروعة وأسف عليه صلاح الدين وخاب ظنه فيه.. (102) وكان نور الدين محمود يجمع الفقهاء من حوله ويستقدمهم من بلاد شتى ويعظمهم ويكرمهم وقد عهد للفقيه عماد الدين عمر بن حمويه بولاية خوانق دمشق وكان من المقربين إليه وأطلق عليه لقب شيخ الشيوخ، ثم بعد وفاته عهد صلاح الدين الذي كان قد تولى السلطنة بعد وفاة نور الدين - إلى صدر الدين محمد بن عماد الدين عمر بن حمويه بولاية مشيخة دمشق وقام بنقله بعد ذلك إلى مصر ليتولى أمر المدرسة الصالحية وهى مدرسة خاصة تدرس المذاهب الأربعة وذلك بهدف تطويق المذهب الشيعي هناك والقضاء على آثاره وهذه المدرسة كان يدرس بها الحنبوشاني قبل وفاته (103) وتجاوز صدر الدين هذا الدور في ظل الدولة الأيوبية إلى القيام بدور سياسي إذ كان رسول العادل الأيوبي إلى الخليفة العباسي الناصر لدين الله، وكان رسول الملك الكامل محمد نائب السلطنة بمصر إلى والده السلطان العادل بدمشق، ورسوله إلى بغداد... (104) وقد لعب أولاد صدر الدين الأربعة وهم عماد الدين، وكمال الدين ومعين الدين وفخر الدين دورا بارزا في مساندة الحكم الأيوبي حتى سقوطه، وتولى عماد الدين التدريس مكان والده في المدرسة الصلاحية وبالمشهد الحسيني وكان ملازما للملك الكامل وقد جمع له بين رياسة العلم والقلم... (105) وبعد مقتل عماد الدين تولى مكانه شقيقة كمال الدين واستعان به الملك الكامل في حسم الصراع مع إخوته على السلطة، ثم ولاه بعد ذلك الوزارة في الديار المصرية في آخر عام (627 ه) وحصل على لقب شيخ الشيوخ، واعتمد عليه الملك الصالح نجم الدين أيوب بعد ذلك في مواجهة منافسيه والخارجين عليه من الأمراء.. (106)
(٣٣)