ويروى أن عبد الملك بن مروان كان يلقب بحمامة المسجد، وقد سئل ابن عمر: أرأيت إذا تفانى أصحاب رسول الله (ص) من نسأل؟
فأجابهم: سلوا هذا الفتى: وأشار إلى عبد الملك.. (21) ويروى عن أبي الزناد: فقهاء المدينة سعيد بن المسيب وعبد الملك بن مروان وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذؤيب.. (22) وقال الشعبي: ما جالست أحدا إلا وجدت عليه الفضل إلا عبد الملك بن مروان فإني ما ذاكرته حديثا إلا وزادني فيه. ولا شعر إلا وزادني فيه.. (23) وكانت هناك علاقة صداقة بين ابن شهاب الزهري الذي يعد عالم السنة في عصره وحافظها وناقل رواياتها وبين عبد الملك بن مروان..
وكان عبد الملك هو الذي وجهه للقيام بهذا الدور ونشر الروايات المنسوبة للرسول (ص) بين الناس ثم ارتبط الزهري بعد ذلك بالقصر الأموي حتى تولى تربية أولاد هشام بن عبد الملك.
ثم تولى القضاء من بعد ليزيد الثاني.. (24) وكما أخذ ابن شهاب الزهري فتوى ربط الأسنان بالذهب عن عبد الملك بن مروان أخذ مالك أيضا بقضاء عبد الملك في امرأة مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها وقد أكثر مالك في الاستدلال بقضاء مروان بن الحكم وولده عبد الملك في موطأة والعمل بفتاواه.. (25) وقد روى البخاري عن عبد الملك بن مروان، كما روى عنه الزهري وعروة بن الزبير وعدد من فقهاء التابعين وعبادهم مثل خالد بن معدان ورجاء بن حياة.. (26) ومن هذه الروايات والشهادات التي عرضناها يتبين لنا أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان كان في منظور الصحابة عاصروه والفقهاء الذين برزوا في عصره فقيها ومحدثا ثقة وعابدا ورعا..