فقد روى ابن حنبل ليزيد رواية تقول: إذا مرض أحدكم مرضا فأشفي ثم تماثل فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه، ولينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه.. (6) وقال أبو بكر بن العربي معلقا على هذه الرواية: وهذا يدل على عظيم منزلته عنده - أي منزلة يزيد عند ابن حنبل - حتى يدخله في جملة الزهاد ومن الصحابة والتابعين الذين يقتدى بقولهم ويرعون من وعظهم.. (7) ويقول ابن خلدون: والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بني أمية. إذ بني أمية يومئذ لا يرضون سواهم، وهم عصابة من قريش وأهل الملة أجمع وأهل الغلب منهم.
فآثره بذلك ودون غيره فيظن أنه أولى بها. وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصا على الاتفاق واجتماع الأهواء الذي شأنه أهم عند الشارع، وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا لعدالته، وصحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك وسكوتهم عنه دليل على انتفاء الريب فيه، فليسوا مما يأخذهم في الحق هوادة. وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق. فإنهم كلمهم أجل من ذلك وعدالتهم مانعة منه.. (8) وقال ابن تيمية مهاجما الحسين لخروجه على يزيد: إنه لم يكن في الخروج مصلحة لا في دين ولا في دنيا، وكان خروجه وقتله من الفساد ما لم يحصل لو قعد في بلده فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شئ بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص الخير بذلك، وصار سببا لشر عظيم، وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن.. (9) ويقول عن يزيد: إن الناس اختلفوا في أمره ثلاثة فرق:
الأولى: أنه كان كافرا منافقا...
والثانية: أنه كان ملكا رجلا صالحا وإمام عدل...
والثالثة: أنه كان ملكا من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات ولم يكن كافرا. ولكن جرى بسببه ما جرى.