- الفقهاء وهارون الرشيد:
يروي السيوطي وغيره أن هارون الرشيد كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات لا يتركها إلا لعلة. وكان يحب أهل العلم ويعظم حرمات الإسلام، وكان يبكي على نفسه وعلى إسرافه وذنوبه سيما إذا وعظ.. (47) وقال الفضيل بن عياض عن هارون: الناس يكرهون هذا - أي هارون - وما في الأرض أعز علي منه لو مات لرأيت أمورا عظاما.. (48) ويروى أن الرشيد كان يقتفي آثار جده المنصور إلا في الحرص فإنه لم ير خليفة قبله أعطى منه. أعطى مرة سفيان بن عيينة مائة ألف. وأجاز السحاق الموصلي مرة بمائتي ألف. وأجاز مروان بن أبي حفصة على قصيدة خمسة آلاف دينار.. (49) وقال الذهبي: أخبار الرشيد يطول شرحها ومحاسنه جمة وله أخبار في اللهو واللذات المحظورة والغناء سامحه الله.. (50) وكان أبو يوسف صاحب أبي حنيفة قاضيا لهارون ونديما يفتي له في كل نازلة ويسخر الدين لهواه وملذاته وقد كتب له كتاب الخراج وقال في مقدمته: أطال الله بقاء أمير المؤمنين، وأدام له العز في تمام من النعمة، ودوام من الكرامة، وجعل ما أنعم به عليه موصولا بنعيم الآخرة الذي لا ينفذ ولا يزول، ومرافقة النبي (ص)..
وقد حشد أبو يوسف في كتابه هذا عشرات الروايات التي تحض على طاعة الحكام ولزوم الجماعة والصبر على الظلم وعدم سب الأمراء وعصيانهم ووجوب الصلاة من خلفهم... (51) يروى أن هارون وقعت في نفسه جارية من جواري أبيه المهدي فراودها عن نفسه.
فقالت لا أصلح لك إن أباك قد طاف بي، فشغف بها وأرسل إلى أبي يوسف فسأله أعندك في هذا شئ؟