وهذه الرواية تكشف لنا موقف ابن عمر فقيه الصحابة من معاوية وولده يزيد فهو رغم علمه بحقيقة معاوية ومكانته المهزوزة في قلوب المسلمين وهو ما يتضح من قوله: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، لم يتراجع عن بيعته ولا عن بيعة ولده يزيد...
وحين ثار أهل المدينة على يزيد وخلعوه وأطاحوا بواليه فيها جمع ابن عمر حشمه وولده وقال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة، وإنا قد بايعنا هذا الرجل - يزيد - على بيع الله ورسوله. وإني لا أعلم غدرا أعظم من أن نبايع رجلا على بيع الله ورسوله ثم ننصب له القتال، وأني لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كنت الفيصل بيني وبينه.. (2) ويروى أن ابن عمر جاء إلى ابن مطيع داعية ابن الزبير الخارج على يزيد فقال: أتيتك لأحدثك سمعت رسول الله (ص) يقول: من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.. (3) وهاتين الروايتين يتبين منهما أن ابن عمر تجاوز حدود الموقف الشخصي بمبايعته يزيد إلى الدعوة لمناصرته ومعارضة الثورة عليه بل والعمل على إطفاء نار هذه الثورة بروايات منسوبة للرسول (ص).. (4) وقد استمر ابن عمر موقفه الموالي للحكام هذا حتى عصر الحجاج بن يوسف حيث بايع خليفته عبد الملك بن مروان ثم صلى وراء الحجاج وشاركه في الصلاة أنس بن مالك خادم الرسول.. (5) ومن خلال مواقف ابن عمر هذه والروايات المنسوبة للرسول الخاصة بالحكام. استنبط الفقهاء عقائد ومفاهيم وفقه خاص يلزم المسلمين بطاعة الحكام ولو كانوا فجارا والجهاد والحج من ورائهم...
وبرر الكثير من الفقهاء مواقف ابن عمر هذه ومواقف يزيد ودافعوا عنه ونفوا جميع الشبهات المثارة من حوله..