الحكم فتنفرون منها، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها، وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ. ترجعون إلى مجالسكم، وتتخادعون عن مواعظكم أقومكم غدوة وترجعون إلي عشية كظهر الحنية عجز المقوم وأعضل المقوم أيها القوم، الشاهدة أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم المبلى بهم أمراؤهم، صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه! لوددت والله إن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلا منهم " (1).
وهكذا سارت أمور هذه الأمة المنكوبة، أمر الباطل يعلو وأمر الحق يهبط، اجتماع على الباطل والدنيا في معسكر الشام وتفرق عن الحق في المعسكر المقابل حتى بلغ الكتاب أجله، ففاض الكيل وطف الصاع، حتى قتل الإمام، (عليه السلام)، على يد أشقاها ابن ملجم المرادي. وهكذا غاب عن الحضور ولا نقول عن الوجود شمس هذه الأمة بعد رسولها.. الإمام علي، (عليه السلام) أول من أسلم وأول من صلى خلف رسول الله، (صلى الله عليه وآله وسلم)، وباب مدينة علم رسول الله، وهكذا صار المشروع الأموي، قاب قوسين أو أدنى من التحقق.