كانوا مع الإمام علي، تفصيلا، فإننا نكتفي بأن نورد ما قاله الدكتور طه حسين في كتابه " علي وبنوه ": " وأكبر الظن أن بعض رؤساء، من أصحاب علي، لم يكونوا يخلصون له نفوسهم ولا قلوبهم، ولم يكونوا ينصحون له، لأنهم كانوا أصحاب دنيا لا أصحاب دين، وكانوا يندمون، في دخائل أنفسهم، على تلك الأيام الهينة اللينة التي قضوها أيام عثمان ينعمون بالصلات والجوائز والاقطاع. ويجب أن نذكر، أيضا، أن عليا لم ينهض إلى الشام بأهل الكوفة وبمن تابعه من أهل الحجاز وحدهم، وإنما نهض كذلك بألوف من أهل البصرة، كان منهم من وفي له يوم الجمل وكان منهم من اعتزل الناس في ذلك اليوم أيضا، وكان منهم مع ذلك كثير من الذين انهزموا بعد مقتل طلحة والزبير " (1).
لم يكن هؤلاء، إذا، من الشيعة ولا من العارفين بفضل آل بيت محمد عامة والإمام علي خاصة وإلا لما هددوا بقتله، أو تسليمه إلى ابن آكلة الأكباد كما أسلفنا. ولسنا نجد ما يصف هؤلاء أبلغ من كلمات الإمام (عليه السلام) مخاطبا إياهم: " أما والذي نفسي بيده ليظهرن هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لا سراعهم إلى باطل صاحبهم، وإبطائكم عن حقي، ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي. استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، أشهود كغياب وعبيد كأرباب! اتلوا عليكم