بالرحمة والاستغفار له والتزكية لأصحابه، فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال: بل إياكم فذمم الله ولعن. ثم قام فقال: إن الله عز وجل يقول: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) (النساء / 135) وأنا أشهد أن من تذمون وتعيرون لأحق بالفضل وإن من تزكون وتطرون أولى بالذم " (1). واستمرت هذه الحال حتى ولي زياد الكوفة فقال مثلما كان يقول المغيرة، ورد عليه حجر رضوان الله عليه بمثل ما كان يرد على المغيرة، فأرسل زياد إلى أميره معاوية فأمر باعتقاله (وفقا لقانون طوارئ بني أمية) وأرسل إلى ابن آكلة الأكباد مشدودا في الحديد فأمر بقتله، فقال حجر للذين يلون أمره: دعوني حتى أصلي ركعتين، فقالوا: صل، فصلى ركعتين خفف فيهما ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي أنا عليه، لأحببت أن تكونا أطول مما كانتا، ثم قال لمن حضره من أهله: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني ألاقي معاوية غدا على الجادة، ثم قدم فضربت عنقه.
لم يكن حجر بن عدي النموذج الوحيد الدال على ظلم هذه الدولة الجائرة التي يزعم جاهلو أمرها، وحدهم، أنها كانت تحكم أو تحكم بشريعة الإسلام. لقد كان بنو أمية يدأبون ليل نهار لاطفاء نور الله، وفي الوقت نفسه كان خط الأئمة (عليهم السلام) قد تحول إلى مشروع تأسيس لإقامة دولة المهدي المنتظر وإن تأخر ذلك قرونا وقرونا أما بنو أمية فيجهدون لإحداث أكبر قدر من الدمار بالأمة الإسلامية وبرجالاتها وبقيمها. وفي الوقت نفسه كان خط آل بيت محمد حريصا