على خطى الحسين (ع) - الدكتور أحمد راسم النفيس - الصفحة ٤٨
بالرحمة والاستغفار له والتزكية لأصحابه، فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال: بل إياكم فذمم الله ولعن. ثم قام فقال: إن الله عز وجل يقول: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) (النساء / 135) وأنا أشهد أن من تذمون وتعيرون لأحق بالفضل وإن من تزكون وتطرون أولى بالذم " (1). واستمرت هذه الحال حتى ولي زياد الكوفة فقال مثلما كان يقول المغيرة، ورد عليه حجر رضوان الله عليه بمثل ما كان يرد على المغيرة، فأرسل زياد إلى أميره معاوية فأمر باعتقاله (وفقا لقانون طوارئ بني أمية) وأرسل إلى ابن آكلة الأكباد مشدودا في الحديد فأمر بقتله، فقال حجر للذين يلون أمره: دعوني حتى أصلي ركعتين، فقالوا: صل، فصلى ركعتين خفف فيهما ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي أنا عليه، لأحببت أن تكونا أطول مما كانتا، ثم قال لمن حضره من أهله: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني ألاقي معاوية غدا على الجادة، ثم قدم فضربت عنقه.
لم يكن حجر بن عدي النموذج الوحيد الدال على ظلم هذه الدولة الجائرة التي يزعم جاهلو أمرها، وحدهم، أنها كانت تحكم أو تحكم بشريعة الإسلام. لقد كان بنو أمية يدأبون ليل نهار لاطفاء نور الله، وفي الوقت نفسه كان خط الأئمة (عليهم السلام) قد تحول إلى مشروع تأسيس لإقامة دولة المهدي المنتظر وإن تأخر ذلك قرونا وقرونا أما بنو أمية فيجهدون لإحداث أكبر قدر من الدمار بالأمة الإسلامية وبرجالاتها وبقيمها. وفي الوقت نفسه كان خط آل بيت محمد حريصا

(١) تاريخ الطبري ٤ / 188 - 190، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 تمهيد: رؤيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ملوك السوء يرتقون منبره 7
3 1 - التحذير من أرباب السوء 7
4 2 - الدعوة إلى نصرة سبطه الحسين 7
5 3 - محاولة اغتيال فاشلة 8
6 تعيين جماعة المنافقين 10
7 الفصل الأول: أبناء الشجرة الملعونة رواد الفتنة في الإسلام 13
8 1 - خطاب رواد الفتنة، الخارجين على القيادة الشرعية 15
9 2 - خطاب قيادة الأمة الشرعية 23
10 3 - مفهوم الفتنة، والعجز عن الوقوف مع الحق 27
11 4 - التحكيم: خديعة الذين جعلوا القرآن عضين 29
12 أسباب قبول التحكيم 32
13 هدنة في صراع يمتد قرونا 38
14 الفصل الثاني: تحقق الرؤيا وقيام ملك " أرباب السوء " 43
15 1 - مسؤولية من أرادها أموية وكرهها إسلامية 45
16 2 - خطبة الافتتاح وشريعة ملوك السوء 45
17 3 - مواجهة التزييف، وإحياء قيم الإسلام 49
18 4 - محاولة تحويل " النهج الأموي " إلى قدر أبدي 51
19 5 - امتداد المالك: يزيد ولي عهد 52
20 الفصل الثالث: الثورة الحسينية: النهوض بمهمة حفظ الدين 59
21 1 - نهج الثورة الحسينية والقول الفصل 62
22 2 - التمهيد للثورة 64
23 3 - التصميم والتخليط 71
24 4 - ضرورات المرحلة ونماذج رجالاتها 85
25 5 - اكتمال عناصر التحرك 93
26 6 - الهجرة الثانية: من مكة إلى الكوفة 95
27 7 - في الطريق إلى كربلاء 101
28 8 - محاولات إخفاء الحقيقة: ابن كثير يناقض نفسه 104
29 الفصل الرابع: كربلاء، النهوض بالأمة المنكوبة 111
30 1 - الموقف الحسيني معيار وقدوة 113
31 2 - نماذج أناس باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم 118
32 3 - إمامة الحق في مواجهة إمامة الباطل 121
33 4 - إقامة الحجة وبيان الحقيقة 123
34 5 - محاولة استنهاض الأمة الحر الرياحي نموذج المسلم المنيب 126
35 6 - الحلقة الجوهرية في مسلسل الصراع بين الحق والباطل 134
36 7 - معاني خروج حرائر آل البيت 135
37 8 - من يقيل عثرة الأمة المنكوبة؟ 147