ذلك المسلك الغريب لبني أمية في مواجهة الحسين. حصار لرجل في مكانة الحسين، ومنزلة لمجرد اتخاذ موقف معارض لبيعة يزيد، مع ملاحظة أن مسلسل السلوك الأموي كان غير مسبوق في تاريخ العرب والمسلمين، فلم يكن للإسلام ولا للعرب دولة قبل ظهور الإسلام وحينما جاء محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم السلام وبعد ثلاثة وعشرين عاما من المقاومة المشركة بقيادة بني أمية وكهفهم أبي سفيان، صار للمسلمين دولة عاصمتها المدينة وإحدى ولاياتها دمشق، ولولا ذلك لما كان لأحد من بني أمية ذكر، وذلك ما قالة الحسين عليه السلام لمعاوية: " ولولا الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكان أفضل شرفك رحلة الشتاء والصيف "، والعجيب أن بني أمية صار لهم نصيب في هذه الدولة التي حاربوها منذ الميلاد. ثم تدهورت الأمور ليصبحوا حكاما لدولة لم يوفروا جهدا في حرب مؤسسها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا من أشد العجب، وصاروا يؤسسون مسلكا وسننا لهم فهم أول من قتل الناس عقابا لهم على إبداء الرأي (حجر بن عدي) وأصحابه وهذه سابقة تاريخية لم يعرفها عرب الجاهلية، وهم أول من طاف برؤوس المعارضين السياسيين في نواحي البلدان (عمرو بن الحمق الخزاعي) وهذه سابقة تاريخية أخرى.
ثم ها هم يعاقبون الحسين عليه السلام، سبط النبي، عقابا مخترعا يؤسسون به لكل فرعون يأتي من بعدهم، فهم يحرمونه من شرب الماء، ثم ها هو ابن زياد يأمر بأن تطأ الخيل صدر الحسين وظهره، ثم هم بعد انتهاء الفاجعة يطوفون برؤوس الشهداء من بلد إلى بلد، ويطوفون ببنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبايا، ولا أعتقد أنهم أغلقوا باب