له بقية ضمير، لا يرى كل معايب القوم، يعتقد أنه بإمكانه الحافظ على بعض القيم الصحيحة، ولكن القوم لا يريدون من يحافظ على المبادئ، وقد تسابق الأشراف والسادة في مناصرتهم وسنرى بعد ذلك كيف أن ابن سعد رمى الحسين عليه السلام بأول سهم وقال:
" اشهدوا أني أول من رمى " إنه التسابق من أجل الذل.
ثم تقدم الحر، رحمه الله، مخاطبا القوم: " لأمكم الهبل والعبر، إذ دعوتموه حتى إذا أتاكم أسلمتموه وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كل جانب فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته، وأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع ضرا، وخلأتموه ونسائه وصبيانه وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني وتمرغ خنازير السواد وكلابه وها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريت هلا أسقاكم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه. فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل " (1). ويضيف الطبري قائلا: " ثم زحف عمر بن سعد نحوهم ثم رمى وقال: اشهدوا أني أول من رمى " (2).
وهنا أيضا لا بد لنا من تعليق، ها هو الحر رضوان الله عليه يخاطب القوم محاولا إيقاظ الضمائر التي ماتت ويسألهم عن مسوغات