والجواب هو الرواية التالية:
تروي عائشة قالت: إن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله (ص)؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله؟ فكلمه أسامة. فقال رسول الله: " أتشفع في حد من حدود الله "؟ ثم قام فاختطب (1)..
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يقبل الرسول الشفاعة في حد المرتد ويرفضها في حد السرقة..؟
والجواب أن هذا التناقض هو من صنع الرواة ولا شأن للرسول به فرواية عثمان وابن أبي سرح لها أبعاد سياسية وتهدف إلى دعم عثمان وخطه وإبعاد الشبهة عنه في حمايته وتأمينه لابن أبي السرح الذي فر من وجه الرسول والمؤمنين ولم يظهر إلا في عهد عثمان كما نصت على ذلك الكثير من الروايات التي يتداولها القوم. فالرواية تهدف إلى تأكيد أن عثمان حصل على عفو من الرسول مباشرة بشأن ابن أبي السرح لا كما تقول الروايات الأخرى التي استثمرها خصوم عثمان (2)..
أما رواية المخزومية فحادثة جنائية عادية لا تمت من قريب أو بعيد بأي من الرموز القبلية التي يراد تضخيمها وإحاطتها بهالة مقدسة.. ورواية إذا أبق العبد إلى الشرك فقد حل دمه. هي دعم للروايات السابقة بشأن حكم المرتد. إلا أن الخلاف في التعبير والألفاظ هنا يؤكد ما طرحناه سابقا من أن الروايات إنما تروى بالمعنى لا بالنص الحرفي الذي نطق به الرسول إن صح نسبتها إليه. وهي تخضع لأهواء الرواة ومذاهبهم مما يعها في دائرة الشك والتمحيص..
أما رواية من أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان. فمن الواضح أن الذي نطق بها هو معاوية أو حاكم من الحكام وليس رسول الله (ص). وهذه الرواية تفقد جميع الثورات التي هبت في وجه الطغاة من