وهناك كثير من الأمثلة على الأحاديث المتناقضة في كتب السنن والتي سوف نعرض لصورة منها عند حديثنا عن نهي الرسول عن زواج المتعة (1)..
وإذا كان الفقهاء هنا قد رجحوا أحاديث إباحة نكاح المحرم فإنهم بهذا يكونوا قد ردوا أحاديث النهي.
والسؤال هنا: إذن لماذا أبقوا على أحاديث النهي وصححوها؟
إن الفقهاء في مواجهة أصحاب العقول - في زمانهم - والذين وجدوا من المبررات الشرعية ما يدفعهم إلى التمسك بالنهي عن النكاح المحرم - واضطروا إلى تفتيت المسألة وفصل النكاح العملي عن النكاح النظري ومحاولة التأكيد أن الرسول تزوج ميمونة نظريا أي عقدا ولم يدخل بها وهذه فزلكة لغوية لم تقبل واعترض عليها على ما هو واضح من قول البعض لكن لفظه (ص) " ولا يخطب يؤدي خلافه " أي إن الرسول لو كان يقصد النكاح بمعنى العقد فقط دون الوطء ما كان يجب أن ينهى عن الخطبة أيضا. لأن الخطبة صورة من صور العقد ثم إن رد الفقهاء على هذا الاعتراض يعطينا دليلا جديدا على مدى تعبدهم بأقوال الرجال ونبذ العقل. فهم اعترفوا بصحة هذا الاعتراض بقولهم: قلنا نعم.
لكنهم عادوا وتعلقوا بقول الطحاوي أن لفظة (ولا يخطب). لا توجد في جميع الروايات الواردة حول القضية المثارة. ومعنى كلامهم هذه أنهم يميلون إلى الروايات التي ليس فيها ذكر للفظة (ولا يخطب) وينبذون الأخرى. ولا يوجد دليل أكبر من هذا على أن هؤلاء إنما يحكمهم هواهم لا دينهم. وحكم الهوى هذه هو الذي يدفع بهم إلى السير في ركاب الحكام وعشاق الدنيا ومناصرة مثل هذه الروايات التي تشكك في أحكام الدين وفي الرسول. وكان الأجدر بهم على الأقل أن يميلوا إلى روايات الحظر نصرة للدين وللرسول..
ونأتي إلى نهي الرسول (ص) عن متعة النساء ولحوم الحمر الأهلية يوم خيبر.. وهذه النهي دليل على أنه كان هناك ما يبيح متعة النساء ولحوم الحمر. أي أن الرسول نهي عن شئ كان موجودا ويمارس من قبل الصحابة. وواقع الإباحة