إن نصوص القرآن لا تعطه هذه الصلاحية. ولو صح عن الرسول ذلك لكان ذريعة للمنافقين وأعداء الإسلام في زمانه ليطعنوا في هذا الدين ويشككوا في أحكامه..
أما الرواية الثانية فتشير إلى أن الرسول (ص) يحرم على الناس ما يبيحه لنفسه. كما تشير إلى أن شهوة الرسول الطاغية نحو النساء دفعت به إلى انتهاك الشعائر المقدسة والدخول بامرأة في وقت الاحرام..
يروى عن الرسول قوله: " لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب " (1)..
قال الفقهاء: السنة ناطقة بجواز نكاح المحرم بنكاحه (ص) ميمونة حال إحرامه وذلك في عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة. والأصل في الأفعال العموم. والحلال لا يمنع من شئ من المباحات فأي فائدة في إخبار تزوجه ميمونة في حله. والإخبار بهذا - أي بجواز نكاح المحرم - فيه فائدة الخبر وهي بيان جواز النكاح في الاحرام. فإنما الممنوع للمحرم النكاح بمعنى الوطء لا العقد ولا سبب لمنع عقدة النكاح له. فإن قلت أنت تريد حمل لفظ النكاح الوارد في الحديث على معناه الحقيقي لغة لكن قوله (ص) " ولا يخطب يؤدي خلافه ".
قلنا نعم. ولكن ذكر الطحاوي أنه لم يوجد في كل الروايات وإنما الموجود لا ينكح ولا ينكح. والمراد بالنكاح الواطئ. وبالمنكوح الموطوءة والمحرم من في الاحرام (2)..
والظاهر من هذا الكلام أن الفقهاء في حيرة ما بين الروايات الواردة بالنهي عن نكاح المحرم والروايات الأخرى التي تبيحه على ضوء فعل الرسول..
ومسألة وجود الروايات المتناقضة التي تأمر بالحظر والإباحة في آن واحد هي مشكلة المشاكل في السنة المنسوبة للرسول. وهي إن دلت على شئ فإنما تدل على تخبط النقل أو عدم أمانة في الحفظ والرواية. وهي تدل على جانب آخر أهم وهو أن فكرة عصمة الرواية محل شك..