لإقامة إمامة يديرها اثنا عشر إماما من أهل بيته، يحكمون بالتتابع، فالأفضل للبطون أن تترك محمدا وشأنه، وأن تقيم تحالفا حقيقيا بينها وبين الجميع بمن فيهم المنافقون، حتى إذا انتقل النبي إلى جوار ربه حاصروا عليا والهاشميين، وهكذا اتحدت البطون بعد الفتح ضد علي وبني هاشم لإجهاض الإمامة، كما اتحدت ضد محمد وبني هاشم لإجهاض النبوة.
وكما مدت قيادات البطون أيدها إلى المنافقين تحقيقا لأهدافها، فقد تحالفت أيضا مع طلاب المصالح من الأنصار، ومما يلقي ضوءا على ذلك قول عمر بن الخطاب يوم السقيفة: " فما أن رأيت أسلم حتى أيقنت بالنصر " (4). فمن الذي أخبر عمر بأن أسلم ستحضر؟ وكيف عرف أن هذه القبيلة ستقف معه وتؤيد نظامه الجديد؟ الجواب المنطقي الوحيد هو أن قبيلة أسلم كانت طرفا في ذلك التحالف المشؤوم لاغتصاب الخلافة، وجاءت على موعد لتأييد النظام الجديد، فقد ضاقت بهم السكك على حد تعبير عمر بن الخطاب (5).
3 - من المؤكد أن القائد العام لهذا التحالف هو عمر بن الخطاب، فلو شاء عمر لكان هو الخليفة الأول (6)، وكان أبو بكر هو النائب للقائد العام، فهما معا لا يفترقان في عمل ولا مسير ولا منزل (7)، وقد آخى الرسول بينهما قبل الهجرة وبعدها (8)، ونال كلاهما شرف مصاهرة الرسول، فقد زوج عمر ابنته حفصة لرسول الله، وزوج أبو بكر ابنته عائشة له أيضا، ومن الملاحظ أن عائشة وحفصة كانتا يدا واحدة (8)، وكانتا معا حتى على الرسول نفسه، كما يدل عليه قوله تعالى:
" إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما، وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين... " (9)، فالمقصود بألف الاثنين في كلمتي (تتوبا، تظاهرا) هما عائشة وحفصة (10).