خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٠
* - الفصل الرابع - مواجهة أبناء الإمام علي.
1 - مواجهة الإمام الحسن.
بايع المسلمون الحسن في أجواء من الألم والحزن، وتحامل الإمام الحسن على نفسه ووقف خطيبا فقال: " لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، ولم يدركه الآخرون، لقد كان يجاهد مع رسول الله فيقيه بنفسه، وكان رسول الله يوجهه برايته، فيكنفه جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله على يديه... أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني، فأنا الحسن بن علي، ابن النبي، ابن الوصي، وأنا ابن البشير النذير، وأنا ابن الداعي الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إليها ويصعد من عندنا " (57) وما أن انتهت مراسم العزاء والبيعة، حتى أخذ الإمام يستعد للمواجهة المسلحة مع عدو الله معاوية، وسير إليه جيشا قوامه اثنا عشر ألف فارس بقيادة عبيد الله بن عباس، فالتقى بجيش معاوية، ووقف كل منهما يتربص بالآخر، وخلال مدة التربص بعث معاوية جواسيسه ورسله إلى عبيد الله بن العباس، فأخذوا يغرونه بالمال، ويعرضون عليه الالتحاق بمعاوية، وأوهموه بأن الحسن يريد أن يسلم لمعاوية، وما هي إلا مسألة وقت، وأن من الخير لعبيد الله أن يقبض ما يريد وهو عزيز، قبل أن يضطر إلى التسليم دون مقابل، وما زالوا به حتى ترك قيادة جيش الحسن، والتحق بمعاوية ومعه أكثر من نصف الجيش (58).
كانت خيانة عبيد الله بن عباس ضربة معنوية قاتلة لجيش الحسن ولأتباع الحسن، فإذا كان عبيد الله الهاشمي يخون إمامه مقابل رشوة تافهة، فما الذي يجبر العامة على الالتزام بولائها له، في ظروف يدل كل شئ فيها على أن معاوية وشيعته سيغلبون؟ لقد نبتت في أذهان أكثرية الجيش، فكرة تسليم الإمام الحسن لمعاوية
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»