خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٤
سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما " (66).
لو ركع الأكثرية واستسلموا لما أثاروا عجبا، فطوال تاريخ البشرية وجدت أمم تركع للطغاة وتعبدهم من دون الله، ووجدت شعوب مستضعفة مغلوبة على أمرها، ولكن التاريخ لن يسجل بحال أن الحسين وأهل البيت قد استسلموا لأنهم جزعوا من الموت، أو يقول: إن حفيد النبي، وابن علي، وحبيب الزهراء، وإمام الأمة، قد هان أمام الظالمين، وهيهات له أن يسجل أن أحفاد شيخ قريش أبي طالب، وأبناء سيد العرب علي، قد تركوا عميدهم الحسين يموت وحده.
لقد ودع الحسين وأهل البيت أباهم رسول الله، وخرج ركبهم لملاقاة الظالمين، ورمقته الجموع الذليلة بإشفاق ومحبة، وهي على علم بأن مصير الحسين وأهل بيت النبوة هو القتل، ومع هذا لم تقدم هذه الجموع ولم تؤخر، بل بقيت راتعة في مرعاها، تنتظر جزارها ليختار ذبائحه في أي وقت يشاء.
تحرك ركب الحسين من المدينة إلى مكة، ومنها توجه إلى العراق، قال له العراقيون إنهم معه، وبايع مسلم بن عقيل 18 ألفا منهم، ولكن عندما جد الجد، تخلوا عن مسلم، ولم يجد في الكوفة بيتا واحدا يؤيه، أو رجلا يستضيفه، إلا امرأة، ولما علم ابنها بوجود مسلم، انطلق يخبر عبيد الله بن زياد طمعا بالمكافأة.
وتهادى ركب الحسين إلى كربلاء ومعه أهل بيت النبوة، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم، وكان عدد الركب مئة يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا.
وفي كربلاء كان جيش يزيد ينتظرهم، وقوامه ألف أو أربعة آلاف، أو ثلاثون ألفا، وكان عمر بن سعد بن أبي وقاص يقود ذلك الجيش الذي جاء خصيصا لذبح الحسين ومن معه من أهل بيت النبوة.
قام جيش يزيد بمحاصرة الإمام الحسين ومن معه، ومنعوهم من ماء الفرات،
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»