خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٤٧
3 - وكان على الإمام علي أن يستعد لمواجهة جديدة مع الجبهة الثانية التي أعدها عمر بن الخطاب لمواجهته، متمثلة في الدولة الأموية في الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان، الذي كان مع أبيه من أئمة الكفر (51)، وقد لعنهما رسول الله كليهما في أكثر من موضع (52)، وقد تألق نجم معاوية عندما ولاه عمر على الشام كلها، وبقي واليا عليها طيلة عهد أبي بكر وعمر وعثمان، يتصرف كما يشاء دون حسيب ولا رقيب، وتمكن خلال هذه المدة من تشكيل ذهنية أهل الشام، فكانوا لا يعرفون شيئا عن الإسلام، وكان فيهم بمثابة ملك، وحولهم بالمال والدهاء وقلب الحقائق إلى جيش يغضب لغضب معاوية ويرضى لرضاه.
رفض معاوية البيعة للإمام علي، ووضع شعار المطالبة بدم عثمان، وحدثت المواجهة العسكرية بينه وبين الإمام، وكاد الإمام أن ينتصر، ولكن في اللحظة الحاسمة رفع معاوية المصاحف على الرماح بمشورة عمرو بن العاص، وقال: هذا كتاب الله بيننا وبينكم، ورأى المنافقون أنها فرصة العمر لتفويت الانتصار على الإمام، فثاروا من كل جانب، وأجبروا الإمام على وقف القتال، وبإيقافه نجا معاوية من هزيمة محققة، وقويت شوكة المنافقين في صفوف علي، وأخذوا يثبطون عزائم الجيش، حتى انتهى الأمر بالتحكيم، فأجبروا الإمام على اختيار الأشعري المعروف بخذلانه للإمام، وتمكن عمرو بن العاص من خديعة الأشعري، وتوالت الانقسامات في جيش الإمام، ولم تنفع بلاغته ولا صادق نصحه في توحيدهم واستنهاض عزائمهم.
ولقد استخدم معاوية سلاحين:
أولهما - سلاح المال، وقد قال بهذا الشأن: " لأستميلن بالمال ثقات علي، ولأقسمن فيهم الأموال حتى تغلب دنياي آخرته " (53)،
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»