* الفصل الثالث - مواجهة الإمام علي بعد مقتل عثمان.
1 - لم يطق المجتمع الإسلامي حكومة عثمان وبطانته، وما كانت تقوم به من الاستئثار بأموال المسلمين والاستهانة بأحكام الدين، فكانت نتيجة ذلك ثورتهم على عثمان التي انتهت بمقتله.
وبموت عثمان تحلل الناس من كل بيعة، وتهافت أهل المدينة والثوار على الإمام علي يطلبون يده للبيعة (46)، وقالوا له: لقد قتل عثمان، ولا بد للناس من إمام، ولا نجد اليوم أحق بهذا الأمر منك، ولا أقدم سابقة، ولا أقرب للرسول، فقال لهم، لا تفعلوا، فإن أكون وزيرا خير من أن أكون أميرا، ولما أصروا عليه قال: إذن في المسجد، فإن بيعتي لا تكون خفية، ولا تكون إلا عن رضى المسلمين، وصعد على المنبر، وكان أول من بايعه طلحة (47).
قال قيس بن سعد بن عبادة مخاطبا النعمان بن بشير بن النعمان (أي ابن أول رجل من الأنصار بايع أبا بكر، والذي انفرد هو وجماعة من دون الأنصار ووقف مع معاوية فيما بعد): " أنظر يا نعمان بن بشير، هل ترى مع معاوية إلا طليقا أو أعرابيا أو يمانيا مندرجا، وانظر أين المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، ثم انظر هل ترى مع معاوية غيرك، ولستم والله بدريين ولا عقبيين، ولا لكما سابقة في الإسلام " (48).
وإذا كان أمثال هؤلاء مع الإمام علي، فلا شك في كونه خليفة للمسلمين من جميع الوجوه، وتجب طاعته حسب هذا الظاهر على الأقل.
2 - سرعان ما تحركت الموجة الأولى من المواجهة التي أعدها عمر حال حياته، فما أن تمت البيعة لعلي حتى جن جنون طلحة والزبير، فاستئذنا بالذهاب إلى مكة بذريعة العمرة، والتقيا هناك مع عدوة الإمام علي اللدودة عائشة بنت أبي