أهل بيت النبوة.
وخروج الحسين لم يكن طمعا في الخلافة، فقد كان موقنا بأنه سيلاقي ربه قبل أن يدرك ذلك، وإنما خرج لكي يزيح القناع الذي تستر به الظالمون، وليكشف طبيعة الأوضاع التي آلت إليها الخلافة، وليحدث هزة في ضمير الأمة التي أخلدت إلى الخضوع والخنوع، ويمدها بجذوة معنوية للتحرك ضد الظالمين.
وعلى الرغم من الحصار والتضييق والرقابة الشديدة التي تعرض لها كل الأئمة من آل البيت، إلا أنهم واصلوا العمل الدؤوب، لإعادة بناء الأمة فكريا، وتحصينها ضد الانحراف وألاعيب الحكام، ومضوا قدما بتنظيم أتباعهم وتنميتهم عدديا ونوعيا، وتجنيبهم المواجهة مع السلطة حتى لا تقضي عليهم، وحتى لا يصطدموا بها قبل الوقت المحدد الذي يكتمل فيه بناء الأمة، لأنه إذا اكتمل بناء الأمة يسقط الطغاة آليا، إذ لا يبقى لهم مؤيد ومعين، عندئذ يضطرون للعودة إلى طبيعتهم، فيظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وقد تعرض الأئمة لملاحقة السلطة وبطشها، فأبعدت الإمام الرضا إلى طوس، وأودعت الإمام الكاظم مطامير السجون طيلة أربعة عشر عاما، وقضت عليهم بالسم، حتى وصل الضغط إلى درجة اضطر معها الإمام الثاني عشر إلى الغيبة، ليظهر في آخر الزمان، ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، نسأل الله أن يعجل فرجه، ويجعلنا من أنصاره، والحمد لله رب العالمين،