المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٤٣٤
المعين ليخلف النبي، وهذا ما لم يحدث فقد وجد الإمام علي نفسه وحيدا مع أهل بيته ويصف الإمام علي حالته بعد وفاة النبي واستيلاء التحالف على السلطة بالقوة (فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا مساعد إلا أهل بيتي فظننت بهم عن الفنية، فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي على الشجا، وجدت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من وخز الشفار) راجع شرح النهج لعلامة المعتزلة ج 3 ص 69 وكتابنا الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية ص 497. فالذين آمنوا أخذوا بالمفاجأة وبدقة التخطيط وفوجئوا بأنهم أمام تنظيم مسلح وضع يده على مواقع السلطة، وواجه الذين آمنوا الوضع الجديد كأفراد لا كجماعة، وذهلوا عن رأس الجماعة المؤمنة، فقدروا أن التسليم أولى، وأن قوتهم لا تكاد تذكر مع جموع التحالف، والحقيقة أن الكثرة والقلة لا دور لهما في موازين الإسلام، فطوال حياة النبوة المباركة كان المؤمنون أقلة، وكان المنافقون والمرتزقة والمنحرفة واليهود هم أكثرية المجتمع ومع هذا قادت القلة المؤمنة هذا المجتمع لأنها سلمت للنبي واقتنعت به وأطاعته، فلو أن القلة المؤمنة محصنة بالقناعة الكافية، ومطيعة للولاية الراشدة، لما تمكن التحالف من النجاح، فالانحراف يواجه بالقناعة المضادة وتصحيحها.
قرار رئيس الدولة لا يلغي الانحراف لنفترض أن رسول الله بوصفه رئيسا أصدر قرارا، بلزوم إلغاء أعضاء التحالف لسلاحهم، وبضرورة تسليم قيادة التحالف أنفسهم لرسول الله، وبلزوم رجوع المتحالفين عن انحرافهم، وضرورة إطاعة ولي الله والإمام من بعده والالتزام بأوامر الولي فورا، لما قدم قرار الرسول هذا ولا أقر أما تجمع التحالف المقتنع بأهدافه، والمطمئن له، لأن قرار الرسول بوصفه رئيس دولة ليست له قوة بشرية أو جماعة متكاتفة ومقتنعة به
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»