النفس البشرية إلا الله وصاحبها. ومن هنا فحسب موازين العدل الإلهي التي يأخذ بها النبي ودولته فلا سلطان لمحمد على التحالف ما داموا مظهرين بالشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والتحالف بالإجماع مظهر لهاتين الشهادتين. هذه أمور تدرك بروح الدين الحنيف، وبالفارق الجوهري بين الدولة النبوية والدولة الوضعية ومع هذا وضح النبي هذه الناحية عندما رجع من غزوة تبوك وكشف له الوحي عن مؤامرة المنافقين على قتله، ومع هذا لم يعاقب المنافقين المتآمرين على قتله لأنه لا يملك الدليل راجع المغازي للواقدي ج 3 ص 1043 و 1044 تجد تفصيل هذا النص، وقد أشرنا إليه بالبحوث السابقة قيام التحالف بين مجموعات تظهر الشهادتين، وإشاعة الاتفاق والائتلاف بينها لا يكفي لإدانة هذا التحالف فظاهريا التحالف والائتلاف، وإشاعة المحبة والاتفاق مظاهر شريفة ومحمودة ولا يملك النبي كنبي وكرسول وكرئيس للدولة أن يدخل إلى منطقة الباطن المحرم عليه دخولها حتى لا يخدش قيمة العدل الإلهي الذي أمر النبي وأمر المؤمنون بإشاعته في المجتمع، فإذا عدى النبي على هذه القيمة المطلقة يهون على أي كان في ما بعد أن يستخف بها.
حصول الاتفاق الجرمي، أنا وأنت، وغيرنا مقتنعون أن الاتفاق الجرمي نفسيا حاصل عند التحالف، فلله سبحانه وتعالى أمر نبيه أن ينصب عليا بن أبي طالب إماما للأمة من بعد النبي، واختص ذرية النبي بالإمامة، وأعطاهم مركزا مميزا يقودوها ضمن إطار الشرعية والمشروعية وهذا التنصيب والاختصاص تكليف بالدرجة الأولى، فلا أحد بالكون كله يحسن قيادة الأمة بكفاءة أئمة أهل البيت، وليس في الكون مجموعة جديدة بالدور المميز كأهل بيت النبوة، وهذا الترتيب الإلهي لمصلحة العباد بالدرجة الأولى. التحالف يرفض ذلك كله داخل نفوس المنخرطين