عمليا سبع سنين، وبكلفة بشرية لا تكاد تذكر وفوق ذلك دل العرب على الدليل الصحيح والصراط المستقيم وشجعهم ورغبهم بسلوك هذا الطريق، وبين لهم الطريق المعوج أيضا، وكشف لهم عن مآلات الطريقين لقد سعد النبي بهذه الإنجازات العظمى، وسعدت دولته وتيقن بأنه قد أدى رسالته تماما فارتاحت نفسه الشريفة لا سلطان للنبي على التحالف بطون قريش مهاجرها وطليقها، ومنافقو المدينة وما حولها من الأعراب، والمرتزقة من الأعراب يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله، ويظهرون أن محمدا رسول الله، طالما أنهم يظهرون هاتين الشهادتين فلا سلطان لرسول الله عليهم، ويخرج عن صلاحية النبي أن يقول لأي واحد منهم أنت تظهر الشهادتين وتبطن الكفر بهما؟ لأن باطن الإنسان منطقة محضورة على النبي وعلى غيره. والله سبحانه وتعالى هو المختص بمحاكمة الإنسان على ما في باطنه، لأنه تعالى وحده يعرف هذا الباطن على وجه الجزم واليقين وغيره لا يعرف إلا على سبيل الظن والتخمين، والظن والتخمين لا يصلحان أساسا للأحكام التي تنشأ مراكزا حقوقية للإنسان أو عليه. ومع أن الله سبحانه وتعالى يعلم حقائق وخفايا هذا الباطن إلا أنه ألزم نفسه العادلة بإقامة الحجة المناسبة على المكلف يوم القيامة، قد ينكر الإنسان أنه قد اقترف هذا الفعل أو ذاك يوم القيامة، ويحلف بأغلظ الأيمان عندئذ يكلف الله يد الإنسان ورجله ليشهدا بواقع الحال، فينطقهم الله تعالى ويشهدوا على الإنسان بما فعل، وبالفعل فإنه لا يعلم حقيقة ما في
(٤٣١)