المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٤٣٠
والإعداد بين الرسول وغيره، ويبقى المنهج الوحيد لمعرفة موقف الرسول من هذا التحالف باستقراء السيرة النبوية الطاهرة، من مصادر أهل بيت النبوة على اعتبار أنهم وحدهم الثقة والجهة المؤتمنة على البيان النبوي.
طبيعة دولة النبي لقد شيد النبي أركان الدولة الإسلامية، ودولته ليست دولة بوليسية تحشر نفسها في ضمير الإنسان وقلبه إنما هي دولة مثلي قامت لرد الاعتبار لكرامة الإنسان التي داسها الطغاة، ولمساعدة الإنسان على استعادة حريته، وتوجيهه في إطار عملية الابتلاء الإلهي، فترسم له الأهداف الإلهية السامية التب خص الله الإنسان بها، وترشد إلى أيسر الطرق لبلوغها.
تبين له الخير، وتبين له الشر بيانا قائما على الجزم واليقين وتستعده على سلوك الخير، والسكن إليها، وتعينه على تجنب طريق الشر وتنفره منها وتتكاتف معه لتنفيذ الأحكام الشرعية، لتبقى الدولة والإنسان المسلم معا في إطار الشرعية والمشروعية. لكن دولة النبي لا تضع رقيبا على الإنسان يرافقه حيثما حل أو ارتحل، ولا تجبره إجبارا على فعل الخير، ولا تفرض عليه بالقوة أن يتجنب الشر، لأنها إن فعلت ذلك، ألفت مبررات الثواب والعقاب، وعطلت عملية الابتلاء الإلهي الإنجازات العظمى أعظم إنجاز حققه النبي الكريم هو إخراجه للعرب من دائرة الشرك إلى دائرة التوحيد، لم يعد بوسع أحد أن يجهر بالشرك فكلهم موحد بالله أو متظاهر بالتوحيد، لقد نجح الرسول الأعظم بتحويل العرب من دين الشرك إلى دين التوحيد. واستطاع أن يوحد مئات القبائل والبطون في دولة واحدة لأول مرة في تاريخ العرب بفترة زمنية قياسية لا تتجاوز
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»