المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٩٠
الفصل الخامس المواجهة مع القبائل الطامعة بغزوة لمغنم الجزء الأكبر من الجزيرة العربية صحارى، والموارد شحيحة لا تكفي سكانها حتى مع السلطة النافذة والعدالة بالتوزيع، مما جعل الكثير من القبائل تعتمد بسد الكثير من حاجاتها على الغزو فيغزوا بعضها البعض، ولما نجح الرسول بتكوين كيانه السياسي في المدينة، وهزم خصومه وغنم أموالهم، ولأن المدينة واحة وسط صحراء، فقد فكرت الكثير من القبائل المحتاجة بغزوها، لا كراهية لمحمد أو لدينه، ولا انتقاما منه ولكن طمعا بالمغنم وما يسد بعض حاجاتها. ولقد راودت فكرة غزو المدينة أذهان العديد من القبائل والجماعة وتهيأت بالفعل للغزو وشرعت به، ولكن الذي كان لها بالمرصاد واستعمل معها أسلوبا لم تعهده العرب وهو الحرب الوقائية، فعندما تتوفر لديه المعلومات بأن هذه القبيلة أو تلك تستعد لغزو المدينة كان النبي يسارع ويجهز حملة فيغزوها قبل أن تغزوه. وبهذا الأسلوب المميز استطاع الرسول أن يربح المواجهة مع القبائل الطامعة في غزوه، وأن ينزع من أذهانها التفكير بغزوه، وأن يشعرها بوجوده وبقدرته على أن ينال من تسول له نفسه الكيد به.
وهكذا ما فعله في غزوة قرقرة الكدر بجمع تغلبة ومحارب، ومثل حملته على تجمع بني سليم، وسريته على طليحة ومسلم بن خويلد ومثل غزوة ذات الرقاع التي قادها الرسول لإرهاب جموع أغار وتغلبة، وغزوة دومة الجندل، وغزوة المريسيغ على المصطلق من خزاعة وحملته على القرطاء من بني بكر، وسريته إلى الغمر بجمع بني محارب وتغلبة وسرية زيد إلى بني تغلبة، وسرية علي بن أبي طالب إلى سعد بن بكر بفدك
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»