وتأكدت استخبارات البطون من صحة تلك الأنباء، وعرفت بالتحديد اليوم الذي سيهاجر به محمد. بعد أن اطلعت على تفاصيل بيعة العقبة (2) عندئذ أدركت زعامة البطون أن محمدا قد تجاوز الخط المألوف بدء بمرحلة خطيرة. فإذا نجح محمد بالهجرة فسيستقطب حوله الأكثرية من مكان يثرب، ومن حولها من قبائل العرب، عندئذ ستصبح النبوة الهاشمية حقيقة مجردة، ويذهب الهاشميون بفخر النبوة بين العرب دون سائر البطون، وأكثر فقد ينجح محمد بتكوين ملك لبني هاشم، وهكذا يتكرس التمييز الهاشمي، ليس على مستوى مكة، بل على مستوى العرب وليس مستبعدا أن يجمع محمد جيشا وأن يغزو به مكة، ويجعل سافل كل شئ عاليه، ويعيد ترتيب كل شئ تحت إشرافه.
واتفقوا على أن قتل النبي هو الحل عقدت زعامة بطون قريش ال 23 اجتماعا موسعا في دار الندوة وتداولوا فيما بينهم بأمر محمد، وطرحت ثلاثة آراء للبحث والمناقشة. 1 - فإما حبسه، 2 - وإما نفيه، 3 - وإما قتله (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو ليقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) 3 واتفقوا على أن قتل النبي هو الحل ولا حل غيره، وقد قرروا اختيار عدد من الفتية يمثل كل فتى منهم عشيرة، ليشتركوا في شرف قتله، ولتكوين جبهة متراصة ضد الهاشميين فلا يقوون على المطالبة بدمه أو الاقتصاص من قتلته، وبهذا التدبير يضيع دم محمد بين العشائر وينجون من رد الفعل الهاشمي. وعلى هذا أجمعوا أمرهم وتعاقدوا وتعاهدوا