ينفصل العلم كشرط ضروري عن الإمامة إلا عندما تحولت هذه الأخيرة إلى خلافة دنيوية تقوم على العصبة وتقررها الغلبة.
وقد رأينا وسوف نرى أيضا. إن ميزة العلم لم تكن من نصيب تيار الاغتصاب.
وربط الرسول (ص) العلم هنا برواية السنة وبث الحديث. وليس المقصود من ذلك أن الالمام بالحديث وروايته يأخذ ذلك المفهوم الجامد الذي تعقل فيه الأحاديث عقل رواية لا عقل دراية.
بل المقصود هذا الأخير. أي حفظ السنة ورواية الحديث بما تتضمنه العملية من تفعيل لهذه الأحاديث وإخراجها من التكلس عبر التأويل الشرعي، الذي تعرض فيه هذه السنة على النص القرآني لينظر فيها. وينسخ متشابهها بتوضيح معناها، أي القدرة على تحريك النص وفهمه فهما ديناميكيا. وهذا ما لا يعلمه إلا الراسخون في العلم من الأئمة ومن ورث علمهم. وعلى هذا الأساس كانت رواية الحديث المذكورة مقرونة بمعرفة القرآن. ذلك أن الرسول (ص) ذكر أن الكذابة ستكثر من بعده. فمن وجد حديثا يناقض كتاب الله، فليضرب به عرض الحائط. وهذا يقتضي معرفة عرض الحديث على القرآن. أي أن ثمة تداخل بين سنة الرسول (ص) ونص القرآن الكريم.
ولهذا ذكر الرسول (ص) أن عليا (ع) سوف يقاتل على التأويل مثلما قاتل الرسول (ص) على التنزيل. وسبق أن عرفنا أن أبا بكر وعمر وعثمان لم يكونوا على علم بالقرآن، وكانوا من المحاربين لانتشار سنة الرسول (ص).
فمعروف عن أبي بكر أنه لم يعرف كيف يعرض حديثه المزعوم " الأنبياء لا يورثون " على نص القرآن:
" وورث سليمان داوود " ليتبين له فيما لو كان هذا النص منسجم مع القرآن أم ويمكننا فهم تلك الملابسات فيما جرى بين علي وأبي بكر، حسب ما أخرجه ابن