من التمسك بالسنة خدا باتوا فيه مهديين جميعا. وواقع الخلفاء يثبت عكس ذلك. فليس من الهدي أن يغتصب أبو بكر الخلافة ويستضعف الصحابة كما سبق ذكره. ولو كان مهديا في سلوكه هو وفاروقه، لما اعترف هذا الأخير قائلا: أنها فلتة وقانا الله شرها.
فلو كان كلهم مهديا لما طعن بعضهم في بعض.
إن مقتضى حديث الرسول (مر) إن صح هي مطابقة سنة الراشدين لسنته (ص) مطابقة لا تخالف الشرع في شئ. ولو أن الخلفاء أو من فهم ذلك من أمرهم أدركوا إنهم مهديين جميعا وأن سنة واحدهم كثانيهم فثالثهم. إذا لما جعلوها شرطا لعلي (ع) عند استخلاف عمر بن الخطاب للستة من أصحابه، عندما عرضوا عليه الخلافة على أساس شرط اتباع سنة الرسول (ص) وسيرة الشيخين. فأبى إلا سنة الرسول (ص). وقد رفضوا على الإمام علي (ع) تمسكه بسنة الرسول (ص) وحدها. فهذا إن دل فإنما يدل على أن سنة الشيخين كانت تعني شيئا زائدا على سنة رسول الله. يؤكد ذلك شهادة الإمام علي (ع) وهي شهادة راشدي معاصر لهم.
وقد كان عمر بن الخطاب قد خلف وراءه ستة. منهم طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد. وكان من المحتمل أن يكون أحدهم هو الرابع دون علي أو عثمان. وكان من المحتمل أن لا يكون علي أو عثمان. ويكون طلحة أو سعيد.
فهل هذا بداء في اعتبار الخلفاء الراشدين هم الأربعة المذكورين أم ماذا؟! ولو كان عمر بن الخطاب يعرف أن الراشدين هم هؤلاء الأربعة، إذن لما أزبد شدقاه يوم السقيفة في خبط الناس وإجبارهم على البيعة، ولما ترك الأمر بين الستة، وأخلى الأمر إلى العدد وترتيب حديث الراشدين؟!.
ومما يدل على فقر هذه الرواية في اعتبار المدعى منها، إنها لم تكن على ذات الانتشار والقوة في عهد الرسول (ص) إذ لو أنها كانت كذلك، لما لجأ عمر بن الخطاب إلى غيرها من الشعارات المقوية لجناحه في تنصيب أبي بكر خلفا للرسول (ص). ولو كانت على نفس الوضوح لما حدث صراع بين المسلمين ولا بين الخلفاء الراشدين أنفسهم.