كذلك، فإن أباه أولى بذلك لحرصه على قتال بني أمية، فمن قال إن الإمام الحسين دفع به الظن بالشوكة، وهو يعلم أن العدو يملك من أمرها ما لا يملك، ولكن خروجه كان اضطراريا، وحتى لا يذل بيعته، ويجعلها قرينة - عبر الأجيال - لتصويب خلافة الفساق، ومن جهة أخرى، كان الإمام قد استقدم من قبل أهل الكوفة، الذين أضعفوا شوكته بخذلانهم.
إن ابن خلدون وقع في التباس خطير، عندما اعتبر الاجتهاد منطلقا لثورة الحسين (ع) ويكفيه أن يرجع إلى الخلف، ليرى أن محاربة الخلافة الظالمة كانت ديدنا للبيت الهاشمي.. فأبوه قاتل معاوية.. وكذلك ابنه الحسن (ع) فأي اجتهاد والحكم بفسق يزيد بن معاوية هو مما أقر به بن خلدون نفسه.. وأهليته في إدراك شرع الله كان مما أقر به أيضا، في قوله:
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه إن الحسين قتل بشرع جده، وهو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل، ومن أعدل من الحسين في زمانه في إمامته وعدالته في قتال أهل الآراء (110).
هنا يتبين التناقض المهول الذي تاه فيه ابن خلدون.. أليس جوهر ما ينطق به هو أن من شرع جده أن ينهض يزيد لقتله وأن يسكت أصحابه على ذلك وعدم الخروج على فسقه.
هل هناك منطق يعترف بهذا النوع من التصويب المبتذل الذي يجعل للحق أكثر من وجه:
" والحسين فيها شهيد مثاب، وهو على حق واجتهاد، والصحابة الذين كانوا مع يزيد على حق أيضا واجتهاد (111) ".
ومن هو الذي على باطل، ومن هو الذي يستحق القتل؟
إن منطق القياس (القياس المبتذل)، هو حمار المصوبة في كل المناسبات الذي