الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٩١
والآن إليك ما جاء في التاريخ من أحداث واكبت أخذ البيعة ليزيد ونترك للقارئ حرية النظر فيها ليرى إلى أي مدى كان ادعاء ابن خلدون لإجماع الصحابة وسكوتهم وتحري معاوية للمصلحة العامة، مجرد ادعاء باطل.
روى ابن الأثير، إن معاوية كتب إلى مروان في بيعة يزيد، فقام مروان خطيبا فقال:
إن أمير المؤمنين قد اختار لكم، فلم يسأل، وقد استخلف ابنه يزيد بعده، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: كذبت والله يا مروان! وكذب معاوية ما الخيار أردتما لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل، فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه، " والذي قال لوالديه أف لكما "، فسمعت عائشة مقالته من وراء الحجاب، فقامت من وراء الحجاب، وقالت: يا مروان! يا مروان! فأنصت الناس، وأقبل مروان بوجهه، فقالت:
أنت القائل لعبد الرحمن أنه نزل فيه القرآن، كذبت والله ما هو به، ولكنه فلان بن فلان، ولكنك فضض من لعنة الله.
وذكر أبو هلال العسكري (121) أنه لما قالت عائشة ذلك كتب مروان إلى معاوية بذلك، فأقبل، فلما دنى من المدينة استقبله أهلها، فيهم عبد الله بن عمر، وعبد الله ابن الزبير، والحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فلما رآهم سبهم واحدا واحدا، ودخل المدينة، وخرج هؤلاء الرهط معتمرين، ثم خرج معاوية حاجا، فاستقبلوه ثم قال: ألا تعلمون أني كنت قد عودتكم من نفسي عادة أكره أن أمنعكم إياها حف أبين لكم؟ إني كنت أتكلم بالكلام فتعرضون فيه، وتردون علي، وإياكم أن تعودوا، وإني قائم فقائل مقالا لا يعارضني فيه أحد منكم إلا ضربت عنقه. ثم وكل بكل واحد منهم رجلين وقام خطيبا فقال:
إن عبد الله بن عمر وابن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا، فبايعوا، فابتدر الناس يبايعون حتى إذا فرغ ركب نجائبه، ومضى إلى الشام، وأقبل الناس على هؤلاء يلومونهم، فقالوا: والله فما بايعناك ولكن فعل

(121) الأوائل / أبو هلال العسكري ص 161.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235