احتجب عن كثير من الشيعة، إلا عن عدد يسير من خواصه، فلما أفضى الأمر إلى أبي محمد، وكان يكلم شيعته الخواص وغيرهم من وراء الستر، إلا في الأوقات التي يركب فيها دار السلطان، وأن ذلك كان منه، ومن أبيه قبله، مقدمة لغيبة صاحب الزمان، لتألف الشيعة ذلك، ولا تنكر الغيبة، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار " (1).
وعن الإمام محمد الجواد قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر، فقيل له: لم سمي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة تكثر أيامها، ويطول أمدها (2) ويقول الأستاذ محمد جواد مغنية: وللإمام المهدي غيبتان: صغرى وكبرى، ومعنى الصغرى أن الإمام كان يحتجب عن الناس إلا عن الخاصة، وأن اتصاله بشيعته كان عن طريق السفراء، فكان الشيعة يعطون الأسئلة للسفير، وهو بدوره يقوم بتوصيلها إلى الإمام، وبعد الجواب عنها، والتوقيع عليها، يرجعها إلى السائلين عن طريق السفير، ومن هنا سميت " الغيبة الصغرى "، أي أنها ليست غيبة كاملة، انقطع فيها الإمام عن الناس، وكانت مدتها 74 سنة.
وكان السفير الأول بين الإمام الغائب وشيعته رجل يدعى " عثمان بن عمر "، والعمر الأسدي، وكان عثمان هذا وكيلا للإمام " علي الهادي " - جد الإمام الغائب - ثم وكيلا لأبيه الإمام " الحسن العسكري " ثم صار سفيرا للمهدي.
ولما توفي عثمان بن عمر تولى السفارة من بعده ولده محمد بأمر من الإمام المهدي، ثم تولاها بعده " الحسين بن روح النوبختي "، ثم " علي بن محمد السمري "، وبعد هؤلاء السفراء الأربعة انتهت الغيبة الصغرى.