ولا يعرف شئ عن موت أستير أو كيفية موتها أو تاريخه ومتى كان ذلك، فإذا كان أحشويروس هو زركسيس كما هو الاعتقاد السائد تكون أستير إذا واحدة من زوجاته. وأول زوجة لزركسيس ذكرها التاريخ على وجه التحقيق هي " أمسترس " حفيدة " أوثانوس ". فيذكر هيرودتس أنها كانت زوجته في سنة 479 ق. م. وهي السنة السابعة والثامنة من ملكه، وكانت وشتي زوجة لزركسيس في السنة الثالثة من ملكه، وكانت هي الملكة (اس 1: 3 و 9) وقد حلت أستير محلها في الشهر العاشر من السنة السابعة لملكه (اس 2: 16 و 17) وفي السنة الثانية عشرة من ملكه كانت لا تزال أستير ملكة (اس 3: 7 و 5: 3).
سفر إستير: هذا آخر الأسفار التاريخية بحسب ترتيب الأسفار في الكتاب المقدس باللغة العربية وفي بعض اللغات الأخرى. أما في العهد القديم باللغة العبرية فيقع في القسم الذي يسمى كتوبيم أي " الكتب " وكان هو وأربعة أدراج أخرى أو " مجلوث " تقرأ في المناسبات الهامة. كان يقرأ كل واحد من هذه الادراج أو المجلات في واحدة من هذه المناسبات.
وآخر هذه المناسبات هو عيد " البوريم ". ولذا فمكان أستير في التوراة العبرية في آخر الادراج المعروفة في العبرية باسم " مجلوث ".
ولسفر أستير مكانة خاصة ممتازة عند اليهود.
أما مكانه ضمن أسفار الوحي القانونية فقد كان موضع نقاش كثير. فقد حذفه مليتو الساردسي وجرجوري النزيانزي من سجلات الأسفار القانونية.
وحسبه أثناسيوس بطريرك الإسكندرية وبطل مجمع نيقية (سنة 325 ميلادية) ضمن الأسفار غير القانونية ورفض لوثر اعتباره ضمن الأسفار الموحى بها. وقد اتخذ هؤلاء هذا الموقف من ناحية هذا السفر العظيم لأن اسم الله لم يذكر فيه، صراحة ولا مرة واحدة.
ولكن روح السفر كله ينم عن اعتقاد راسخ بوجود الله وإيمان قوي فيه وفي قدرته وعنايته (ص 4: 14) وتأمل مكانة الصوم كعمل ديني معترف به (ص 4:
16) وكذلك الصراخ والابتهال والتضرع في الصلاة مع الصوم وكلها يعتبرها السفر أمورا لازمة واجبة حتمية ولها قوتها وفاعليتها (ص 9: 31) والدرس الرئيسي الذي يعلمه هذا الكتاب هو حقيقة العناية الربانية التي تسود في الكون وتحول أعمال البشر بحيث تتمم قصد السماء.
أما أسماء بعض الشخصيات الرئيسة المذكورة في السفر فهي أسماء بابلية أو عيلامية. فاسم أستير بطلة القصة شبيه باسم " اشتار " إلهة البابليين واسم " هدسة " قريب من الكلمة البابلية " حدشتو " أي عروس وكان أصلا يطلق على شجرة الآس، ومردخاي اسم الإله البابلي الرئيسي " مردوخ " و " هامان " عدو مردخاي هو نفس " همان " أو " همان " (هميان) أحد الآلهة الرئيسية في عيلام. " وشوش " عاصمة عيلام هي المكان الذي جرت فيه حوادث هذه القصة. واسم وشتي كان اسما لأحد الآلهة في عيلام. ولهذا فقد ظن بعض النقاد أن السفر لا يستند إلى أساس تاريخي.
ولكن الرأي المعقول في هذا السفر والذي يسهل تصديقه أنه سفر تاريخي بكل معنى الكلمة. فالسفر يشير إلى تاريخية الحوادث التي يتحدث عنها ويؤيدها بتواريخ واضحة بحسب التقويم الفارسي (ص 2: 23 و 6: 1 و 10: 2) وهو يعطينا التفسير المعقول الطبيعي لنشأة عيد البوريم الذي كان يمارس في عصر يوسيفوس في كل أنحاء العالم المعروف حينئذ. وعلاقة السفر بهذا العيد تدل دلالة واضحة على تاريخيته.
ويقدم السفر وصفا دقيقا حيا للعوائد الفارسية والأحوال السائدة حينئذ وبخاصة كما كانت في شوشن (ص 1: 5