قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٩٧
وانتقل الإيمان بالتوجيه من إبراهيم إلى إسحاق ويعقوب اللذين جدد لهما الله العهد الذي قطعه لإبراهيم.
واستمر العهد حتى خروج العبرانيين من مصر وعودتهم إلى أرض الميعاد، وقد تم الخروج بإشراف موسى، بعد قضاء فترة طويلة من الاستعباد في مصر. وحمل العبرانيون عند عودتهم اسم " بني إسرائيل ". وكان يهوه الذي أخرج العبرانيين من مصر وظهر لموسى في البرية هو نفسه الله الذي ظهر لإبراهيم وإسحاق ويعقوب ومنحهم العهد. أو أن العبرانيين بدأوا يحسون وهم في طريقهم إلى فلسطين كشعب خاص له الخصائص القومية.
وكان دخولهم فلسطين غزوا عسكريا، ومجدا قوميا لهم. وكان يشوع قد أشرف على فتح فلسطين، بعد أن تولى قيادتهم أثر وفاة موسى قبل دخول أرض الموعد. وقسم يشوع البلاد بين الأسباط الاثني عشر.
ثم ظهر نظام القضاة، وعددهم أربعة عشر قاضيا.
وكان صموئيل آخر القضاة وأعظمهم وهو الذي نصب شاول ملكا على العبرانيين.
وشاول هو أول ملك عبراني. وبه بدأ تنظيم الدولة العبرانية في فلسطين، بعد انقضاء فترة طويلة من حكم القضاة الذين كانوا يفتقرون إلى قانون موحد. واتسعت حدود المملكة زمن شاول وداود وسليمان وازدهرت علومها وحياتها الاجتماعية وخاف المجاورون لها من بأسها. ولكن ذلك العز لم يدم، إذ انقسمت المملكة في القرن العاشر قبل الميلاد بعد موت سليمان بين الملكين: رحبعام ويربعام، وارتفعت أسهم المعتقدات الوثنية، وكان إرسال الأنبياء تهديدا لبني إسرائيل بالعودة إلى الدين القويم، وإلا نالوا القصاص الذي يستحقون. ونشبت الحروب بين المملكتين (مملكة إسرائيل في الشمال ويهوذا في الجنوب) وضعفت قواهما ووهنت نياتهما، وطمعت فيهما الشعوب المجاورة لهما، وأخذت تتعدى على حدودهما، إلى أن انقضت أركانهما، فسبي أهل مملكة الشمال سنة 721 ق. م. إلى أشور، وسبي أهل مملكة الجنوب سنة 587 ق. م. إلى بابل.
عندما سبي الآلاف من اليهود إلى بابل في ما بين النهرين، هرب بعضهم إلى مصر، حيث لجأوا إلى فراعنتها، وبنوا لأنفسهم هيكلا أقاموا فيه شعائرهم وحافظوا على معتقدهم. وأقام معظمهم في مدينة الإسكندرية حتى بلغ عددهم ثلث سكانها. وكانوا من المثقفين ورجال العلم والناموس. حوالي سنة 285 ق. م. بدأوا بترجمة العهد القديم من لغته الأصلية إلى اليونانية، بإشراف سبعين عالما منهم. ولذلك سميت تلك الترجمة بالسبعينية. وقد رضي عن الترجمة ملك البلاد البطلمي الإغريقي، بطليموس فيلادلفوس.
أما الذين سبوا إلى بابل فقد أتاح لهم ملك فارس الذي انتصر على الكلدانيين، وقضى على دولتهم، الرجوع إلى القدس وبناء الهيكل من جديد. ولكنهم ظلوا يخضعون للدولة الفارسية إلى أن جاء الإسكندر المقدوني الملقب بالكبير إلى آسيا ونزع السلطة من يد الفرس وأمسك بها. فوالاه اليهود ومنحهم مقابل ذلك استقلالا محليا. ولكن الإسكندر مات وتقسمت مملكته بين خلفائه. ولما كانت فلسطين تقع بين الشام ومصر، كان المتحاربون من حكام الشام ومصر (السلوقيون والبطالسة) يتجاذبون مملكة اليهود ويتنافسون فيما بينهم عليها.
وزاد في شقاء اليهود أن انطيوخس الرابع ملك سوريا أنكر حقهم في عبادة إلههم وأمرهم بعبادة آلهته هو، وبنى في وسط هيكلهم معبدا للإله زفس الألمبي.
فثار الشعب، وتزعم الثورة المكابيون، وهم رؤساء كهنة الشعب. ونال المكابيون الاستقلال بعد حرب دامت ثلاثين عاما. إلا أن الاستقلال لم يستمر
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 ... » »»