الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٥٤
الإنسان رحمة الله وبره، آية صدقي هي أن أقول لكما، إن رئيس الكهنة قد أرسلكما لتجرباني، وهذا هو ثمر كهنوته (1)... ".
(4) الخطيئة وسبق الاصطفاء:
الخطيئة لا يمكن أن تنشأ في الإنسان إلا مضادة لله، إذ هي ما لا يريد الله، وقد يحدث العمل الواحد نتيجتين متضادتين، فموسى قتل لإبادة عبادة الأصنام، فالقتل منه ضحية، ولكن أخاب قتل ليبقى عليها، فالقتل منه تدنيس، ويمكن مداواة الكذب بقول الصدق، والبلايا حسنة إما لأنها تطهر الشر الذي فعلناه، أو لأنها تمنعنا من ارتكابه، أو لأنها تعرفنا قيمة هذه الحياة لنتوق للأخرى، وسبق الاصطفاء بمعنى تقدير الخير للخيرين والشر للمنبوذين - لا يكون شريعة الله إذا استلزم سلب حرية إرادة الإنسان التي وهبها الله له، ولذا يستطيع المذنب بالتوبة أن يكون صالحا بفضل الله، وتوفيقه، والبار قد تسلبه خطيئته بره، إذا اعتمد على بره ونسي الله، فيجب فهم أن أساس القدر هو إرادة الله في شريعته بحرية الإرادة البشرية!
ولقد جاء في الفصول من الثامن والخمسين بعد المائة إلى الفصل السابع والستين بعد المائة من إنجيل برنابا، عن الخطيئة وسبق الاصطفاء:
" ذهب الرجل الذي ولد أعمى، ليجد يسوع، فعزاه قائلا.. إنك لم تبارك في زمن كما أنت، لأنك مبارك من إلهنا الذي تكلم على لسان داود أبينا ونبيه في أخلاء العالم قائلا " هم يلعنون، وأنا أبارك " وقال على لسان ميخا النبي " إني ألعن بركتك "، لأن التراب لا يضاد الهواء، ولا الماء النار، ولا النور الظلام، ولا البرد الحرارة، ولا المحبة البغضاء، كما تضاد إرادة الله إرادة العالم، فسأله لذلك التلاميذ قائلين " ما أعظم كلامك أيها السيد، فقل لنا المعنى، لأننا حتى الآن لم نفهم "، أجاب يسوع " متى عرفتم العالم، ترون أني قلت الحق، وهكذا ستعرفون الحق في كل نبي، فاعلموا إذا أن

(1) راجع ص 240 - 242 من إنجيل برنابا.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»