الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٥٧
عاموس ما يفعله الترجمان الروماني الذي لا ينظر في كلامه كأنه يتكلم في حضرة رئيس الكهنة، بل ينظر إلى إرادة ومصلحة اليهودي الذي لا يعرف التكلم باللسان العبراني! لو قال عاموس ليس في المدينة من خير إلا كان الله صانعه، فكان لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته، قد ارتكب خطأ فاحشا، لأن العالم لا يرى خيرا سوى الظلم والخطايا التي تصنع في سبيل الباطل، وعليه يكون الناس أشد توغلا في الإثم لأنهم يعتقدون أنه لا توجد خطيئة أو شر لم يصنعه الله، وهذا أمر تتزلزل لسماعه الأرض "!
وبعد أن قال يسوع هذا، حصل توا زلزال عظيم إلى حد سقط معه كل أحد كأنه ميت، فأنهضهم يسوع قائلا " انظروا الآن إذا كنت قلت لكم الحق! فليكفكم هذا إذا أنه لما قال عاموس إن الله صنع شرا في المدينة، مكلما العالم، فهو إنما تكلم عن البلايا التي لا يسميها شرا إلا الخطاة... "!
" إني أشرح لكم الآن ذلك النزر القليل الذي وهبني الله معرفته بشأن سبق الاصطفاء: يزعم الفريسيون أن كل شئ قدر على طريقة لا يمكن معها لمن كان مختارا أن يصير منبوذا، ومن كان منبوذا لا يتسنى له بأية وسيلة كانت، أن يصير مختارا، وأنه كما أن الله قدر أن يكون عمل الصلاح هو الصراط الذي يسير فيه المختارون إلى الخلاص، هكذا قدر أن تكون الخطيئة هي الطريق الذي يسير فيه المنبوذون إلى الهلاك! لعن اللسان الذي نطق بهذا واليد التي سطرته، لأن هذا إنما هو اعتقاد الشيطان...، فماذا يكن أن يكون معنى سبق الاصطفاء سوى أنه إرادة مطلقة تجعل للشئ غاية، وسيلة الوصول إليها في يد المرء، فإنه بدون وسيلة، لا يمكن لأحد تعيين غاية، فكيف يتسنى لأحد تقدير بناء بيت وهو لا يعوزه الحجر والنقود ليصرفها فقط، بل يعوزه موطئ القدم من الأرض، لا أحد البتة! فسبق الاصطفاء لا يكون شريعة الله بالأولى إذا استلزم سلب حرية الإرادة التي وهبها الله للإنسان بمحض جوده، فمن المؤكد أننا نكون إذ ذاك آخذين في إثبات مكرهة لا سبق اصطفاء!
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»