الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٥٦
يسوع " إن الكذب خطيئة، ولكن القتل خطيئة أعظم، لأن الكذب خطيئة تختص بالذي يتكلم، ولكن القتل على كونه يختص بالذي يرتكبه هو، يهلك أيضا أعز شئ لله هنا على الأرض أي الإنسان، ويمكن مداواة الكذب بقول ضد ما قيل، على حين لا دواء للقتل، لأنه ليس بممكن منح الميت حياة، قولوا لي إذا هل أخطأ موسى عبد الله بقتل كل الذين قتلهم؟ "، أجاب التلاميذ " حاش الله حاش لله! أن يكون موسى قد أخطأ بطاعته لله الذي أمره " فقال حينئذ يسوع " وأنا أقول حاشا لله أن يكون قد أخطأ ذلك الملاك الذي خدع أنبياء أخاب الكذبة بالكذب، لأنه كما أن الله يقبل قتل الناس ذبيحة، فهكذا قبل الكذب حمدا! الحق أقول لكم، كما يغلط الطفل الذي يصنع حذاءه بقياس رجل جبار، هكذا يغلط من يجعل الله خاضعا للشريعة، كما أنه هو نفسه خاضع لها من حيث هو إنسان، فمتى اعتقدتم أن الخطيئة إنما هي ما لا يريده الله، تجدون حينئذ الحق كما قلت لكم، وعليه لما كان الله غير مركب وغير متغير، فهو أيضا لا يريد ويريد الشئ الواحد، أنه بذلك يصير تضاد في نفسه!.. " أجاب فيليبس " ولكن يجب فهم قول عاموس إنه لا يوجد شر في المدينة لم يصنعه الله؟ "، أجاب يسوع " انظر الآن يا فيليبس! ما أشد خطر الاعتماد على الحرف كما يفعل الفريسيون الذين قد انتحلوا لأنفسهم اصطفاء الله للمختارين.. لذلك أقول إن عاموس نبي الله يتكلم هنا عن الشر الذي يسميه العالم شرا، لأنه لو استعمل لغة الأبرار لما فهمه العالم، لأن كل البلايا حسنة، إما حسنة لأنها تطهر الشر الذي فعلناه، وإما حسنة لأنها تمنعنا من ارتكاب الشر، وإما حسنة لأنها تعرف الإنسان حال هذه الحياة لكي نحب ونتوق إلى الحياة الأبدية، فلو قال النبي عاموس " ليس في المدينة من خير إلا كان الله صانعه "، لكان ذلك وسيلة لقنوط المصابين متى رأوا أنفسهم في المحن، والخطاة في سعة من العيش، وأنكى من ذلك أنه متى صدق كثيرون أن للشيطان سلطة على الإنسان، خافوا الشيطان وخدموه تخلصا من البلايا، فلذلك فعل
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»