الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٥٢
التي تكون باعثا على ارتكاب الخطيئة، لأنه لا يمكن ارتكاب الخطيئة بدون فكر، ألا قولوا لي متى غرس الزراع الكرم، ألا يزرع النبات على عمق غائر؟ بلى! وهكذا يفعل الشيطان الذي إذا زرع الخطيئة لا يقف عند العين أو الأذن، بل يتعدى إلى القلب الذي هو مستقر الله، كما تكلم على لسان موسى عبده قائلا " إني أسكن فيهم، ليسيروا في شريعتي ".
فبالحري يجب عليكم ألا تبيحوا للشيطان أن يدخل قلوبكم أو يضع أفكاره فيها، لأن الله أعطاكم قلبكم لتحفظوه، وهو مسكنه... (1) "!
(ج) وجاء في الفصلين الخامس والسبعين والسادس والسبعين من إنجيل برنابا عن كيفية امتحان الفكر:
" حينئذ قال يعقوب: يا معلم! كيف يكون امتحان الفكر شبيها بامتحان قطعة نقود؟ أجاب يسوع " إن الفضة الجيدة في الفكر، إنما هي التقوى، لأن كل فكر عار من التقوى يأتي من الشيطان، والصورة (2) الصحيحة إنما هي قدوة الأطهار والأنبياء التي يجب علينا اتباعها، وزنة الفكر إنما هي محبة الله التي يجب أن يعمل بموجبها كل شئ، ولذلك يأتي العدو إلى هناك بأفكار تنافي التقوى في جيرانكم، مطابقة للعالم، ليفسد الجسد، وللمحبة العالمية، ليفسد محبة الله ".
أجاب برتولوماوس " يا معلم! كيف نفكر قليلا، حتى لا نقع في التجربة؟ " أجاب يسوع " يلزمكم شيئان: الأول أن تتمرنوا كثيرا، والثاني أن تتكلموا قليلا، لأن الكسل مرحاض يتجمع فيه كل منكر نجس، والإكثار من التكلم إسفنجة تلتقط الآثام، فيلزم أن لا يكون عملكم قاصرا على تشغيل الجسد فقط، بل يجب أن تكون النفس أيضا مشتغلة بالصلاة، لأنه يجب أن لا تنقطع عن الصلاة أبدا... ولا يكفي للهرب من الشر، أن يعرفه الإنسان لينجو منه، بل يجب فعل الصالحات للتغلب عليه (3) "!

(1) راجع ص 115 و 116 من إنجيل برنابا.
(2) أي ما يكون على قطعة النقد.
(3) راجع ص 116 - 119 من إنجيل برنابا.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»