الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٤٩
إن الصوم والسهر الروحي متلازمان، حتى إذا أبطل أحد السهر، بطل الصوم توا، لأن الإنسان بارتكاب الخطيئة يبطل صوم النفس ويغفل عن الله، وهكذا فإن السهر والصوم من حيث النفس لازمان دوما لنا ولسائر الناس، لأنه لا يجوز لأحد أن يخطئ، أما صوم الجسد وسهره، فصدقوني أنهما غير ممكنين في حل حين ولا لكل شخص، لأنه يوجد مرضى وشيوخ وحبالى وقوم مقصورون على طعام الحمية وأطفال وغيرهم من أصحاب البنية الضعيفة، وكما أن كل أحد يلبس قياسه الخاص، هكذا يجب عليه أن يختار صومه، لأنه كما أن أثواب الطفل لا تصلح لرجل ابن ثلاثين سنة، هكذا لا يصلح صوم أحد وسهره لآخر، ولكن احذروا من الشيطان أن يوجه كل قوته لأن تسهروا في أثناء الليل ثم تناموا بعد ذلك، على حين يجب عليكم بوصية الله أن تصلوا وتصغوا إلى كلمة الله.. لأن من يسهر بالجسد أكثر مما يلزم، وهو نائم أو مثقل رأسه بالنعاس، على حين يجب عليه أن يصلي أو يصغي إلى كلام الله، فمثل هذا التعيس حقا، يستهزئ بالله خالقه، ويكون مرتكبا لهذه الخطيئة! وعلاوة على ذلك فهو لص لأنه يسرق الوقت الذي يجب أن يعطيه لله ويصرفه عندما وبقدر ما يريد!
... فماذا يفعل الله إذا بالرجل الذي يصرف أفضل وقته في المشاغل وأردأه في الصلاة ومطالعة الشريعة؟ ويل للعالم، لأن قلبه مثقل بهذه الخطيئة، وبما هو أعظم منها! لذلك كما قلت لكم إنه يجب أن ينقلب الضحك بكاء والولائم صوما والرقاد سهرا، جمعت في كلمات ثلاث كل ما قد سمعتموه، وهو أنه يجب على المرء هنا على الأرض أن يبكي دواما، وأن البكاء يجب أن يكون من القلب، لأن الله تعالى خالقنا مستاء، وأنه يجب عليكم أن تصوموا لكي تكون لكم سلطة على الحس، وأن تسهروا لكي لا تخطئوا، وأن البكاء الجسدي والصوم والسهر الجسديان، يجب أن تكون بحسب بنية الأفراد (1) "!

(1) راجع ص 160 - 171 من إنجيل برنابا.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»