الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٤٨
الإنسان يا برنابا، لأن الإنسان لا يقدر هنا على الأرض أن يذكر الله خالقه على الدوام، إلا الأطهار، فإنهم يذكرون الله على الدوام، فإن فيهم نور نعمة الله، حتى لا يقدرون أن ينسوا الله، ولكن قولوا لي أرأيتم الذين يشتغلون بالحجارة المستخرجة من المقالع، كيف تعودوا بالتمرن المستمر أن يضربوا، حتى أنهم يتكالمون، وهم طول الوقت يضربون بالآلة الحديدية في الحجر دون أن ينظروا إليها، ومع ذلك لا يصيبون أيديهم؟ فافعلوا إذا أنتم كذلك، ارغبوا أن تكونوا أطهارا إذا أحببتم أن تتغلبوا دائما على شقاء الغفلة، ومن المؤكد أن الماء يشق أقوى الصخور بقطرة واحدة يتكرر وقوعها عليها زمنا طويلا! أتعلمون لماذا لم تتغلبوا على هذا الشقاء؟ لأنكم لم تدركوا أنه خطيئة ... هكذا يخطئ الذين يغفلون عن الله، لأن الإنسان ينال كل حين هبات ونعمة من الله.
ألا فقولوا ألا ينعم الله عليكم كل حين، بل حقا فإنه يجود عليكم دوما بالنفس الذي به تحيون، الحق الحق أقول لكم إنه يجب على قلبكم أن يقول كلما تنفس جسدكم " الحمد لله " حينئذ قال يوحنا " إن ما تقوله لهو الحق كل الحق: يا معلم! فعلمنا الطريق لبلوغ هذه الحال السعيدة "، أجاب يسوع " الحق أقول لك إنه لا يتاح لأحد بلوغ هذه الحال بقوى بشرية، بل برحمة الله ربنا، ومن المؤكد أنه يجب على الإنسان أن يشتهي الصالح ليهبه الله إياه، قولوا لي، أتأخذون وأنتم على المائدة الأطعمة التي تأنفون من النظر إليها لا البتة، كذلك أقول لكم إنكم لا تنالون ما لا تشتهون، إن الله لقادر إذا اشتهيتم الطهارة أن يجعلكم طاهرين، في أقل من طرفة عين، لكن الهنا يريد أن ننتظر ونطلب، لكي يشعر الإنسان بالهبة والواهب! أرأيتم الذين يتمرنون على رمي الهدف؟
حقا إنهم ليرمون مرات متعددة عبثا، وكيفها كانت الحال فهم، لا يرغبون مطلقا أن يرموا عبثا، ولكن يؤملون دوما أن يصيبوا الهدف، فافعلوا هكذا أنتم الذين تشتهون دائما أن تذكروا الله، ومتى غفلتم فنوحوا، لأن الله سيهبكم نعمة، لتبلغوا كل ما قد قلته.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»