شعري كيف لم يدع هؤلاء الأكابر في العلم الباطن والظاهر الاجتهاد مع فضلهم وشهرتهم وكثرة اتباعهم ويدعيه من لا يكون كأدنى مخلص من محبيهم فلو كانت هذه الدعوى سابقة لكان هؤلاء أحق بها للإلهام والكشف الحاصلين لهم من جانب الله تعالى لكن دل تقليد هم للمذاهب على أن الله تعالى كما منع في الظاهر أن يكون غير الأربعة كذلك في الباطن منع الله أن يدعي أحد هذه الرتبة وهذا أقوى دليل على منع المدعين وأنها باطلة في الظاهر والباطن فما بعد الحق إلا الضلال فأنى يؤفكون ومما يدل على المنع من هذه الدعوى أن المذاهب كما قدمنا من مناقبهم أن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه رأى الله في المنام تسعا وتسعين مرة والإمام مالك كان رضي الله عنه وأرضاه يرى النبي في كل ليلة وكذلك الشافعي رأى النبي صلى الله عليه وسلم مرات والإمام أحمد قال النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على محنته وأن الله تعالى يرفع له بها علما إلى يوم القيامة فهل أحد من هؤلاء المدعين حصلت له من هذه الرتب شئ وأيضا مثل الإمام الأعظم رضي الله عنه رأى الصحابة فهل أحد منهم رأى منهم وأيضا رأو التابعين ممن جمع العلم والعمل فهل أحد وصل إلى ذلك (وذكر الشعراني في الميزان) فإن قلت هل يصح لأحد الوصول إلى مقام أحد من المجتهدين فالجواب نعم لأن الله على كل شئ قدير وقد قال بعضهم الآن يصلون إلى ذلك من طريق الكشف فقط لا من طريق النظر فإن ذلك مقام لم يبدعه أحد بعد الأئمة الأربعة إلا الإمام أبا محمد بن جرير ولم يسلموا له (أقول) وهو من أهل الثلثمائة وخمسين وهو فيما يقال شافعي المذهب فتأمله وانصف قال الشعراني وجميع من ادعى الاجتهاد المطلق إنما مراده المطلق المنتسب الذي لا يخرج عن قواعد إمامه كابن القاسم واصبغ مع مالك وكمحمد وأبي يوسف مع أبي حنيفة رضي الله عنهم وكالمزني والربيع مع الشافعي إذ ليس في قوة أحد بعد الأئمة الأربعة أن يبتكر الأحكام ويستخرجها من الكتاب والسنة فيما نعلم أبدا ومن ادعى ذلك قلنا له فاستخرج لنا شيئا لم يسبق أحد من الأئمة استخراجه فإنه يعجز انتهى وقال أيضا في الميزان وقد نقل السيوطي أن الاجتهاد المطلق على قسمين مطلق غير منتسب كما عليه الأئمة الأربعة ومطلق منتسب كما عليه أصحابهم الذين ذكرنا هم ثم قال ولم
(١٩)