وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع سبيل المؤمنين وخير القرون من خير أمة أخرجت للناس نجاة ففي الفزع إلى ذلك العصمة ولنذكر لك في هذه الجملة أصول الأحكام التي هي الكتاب والسنة يعني متواترها وآحادها مما جاء من فعله وقوله وتقرير وسبيل المؤمنين هو الإجماع واتباعه واجب قال الله تعالى ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا وقوله خير القرون يشير بذلك إلى الاقتداء بالقرون الثلاثة الأول يعد الكتاب والسنة والإجماع وبيان ذلك أن لا مقلد إلا المعصوم لامتناع الخطأ عليه أو من شهد له المعصوم حيث يتعذر الاقتداء به لأن مزكى العدل عدل وقد شهد عليه السلام لقرنه ثم الذين يلونهم فوجب اعتبارهم في الاقتداء على مراتبهم لكن القرن الأول حفظوا عن الشارع الأكبر صلى الله عليه وسلم ولم يجمعوا فلم يعرف عام من خاص ولا ناسخ من منسوخ وذلك لا يتحصل إلا بالجمع في القرن الثاني فحفظوا ما جمعوه وذلك لا يكفي التفقه فيه و قد تفقهوا فيه ولكنهم لم يستوعبوه ثم جاء القرن الثالث فحفظ ما جمع على جمعه واستوفى ما جمع بفقه فكمل علم الدين في القرن الثالث حفظا وجمعا وتفقها في كل فن شرعي فأخذ ذلك عن علمائه الذين صلح ورعهم وهم نحو أثنى عشر رجلا فكان لكل منهم أتباع ثم لم تزل اتباعهم تنقرض ينقرض علمائها حتى لم يبق إلا جملة الأئمة الأربعة ما لك وأبي حنيفة و الشافعي وأحمد رضي الله عنهم فاقتصر الناس عليهم واتبعوا مذاهبهم مع أنه لا تخلوا الأرض من قايم لله بحجة يعني غير المجتهدين لقوله عليه الصلاة والسلام لا تزال طايفة من أمتي ظاهرين على الحق ففي كل عصر سادة وفي كل قطر قادة لكن القرون الثلاثة الأصل فيهم الخير والشر عارض وما بعدهم من القرون ليس كذلك فهم معتبرون بأوصافهم (وفي المتن) وفي اتباع السلف الصالح النجاة وبهم القدوة في تأويل ما تأولوه واستخراج ما استنبطوه لأنهم قد جمعوا ثلاثة أشياء العلم الكامل والورع الحاصل والنظر السديد وغلبة الإصابة ولولا هذه الأمور ما صح الاقتداء بهم وإن اختلفوا في الفروع والحوادث لم يخرج عن جماعتهم بل تعين أن يقتدى بهم على مراتبهم قال البلالي ويجب مذهب معين وله الرجوع عنه وعن بعض مسائله لا تتبع الرخص (قلت)
(١٥)