أشد الجهاد - الشيخ داود الموسوى البغدادى - الصفحة ١٢
غير سبق كتاب من أحد قبلهم غير الكتاب والسنة ولو فرض أن أحدا يترك أصولهم وفروعهم ويريد أن يحدث أصولا وفروعا من نفسه فإنه لا يتأتى له إلا بعد عشرات من السنين والأيام ولا أظنه إذا فعل يقدر أن يظهر شيئا غير ما أظهره الأئمة الأربعة فليتق الله مدعي ذلك وليثنيه بل أقول ظهور مثل هؤلاء في هذه الأزمان مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من الناس ولكن ينزعه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا وقد أجمع المفسرون وأهل الأصول أن قوله تعالى فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون أنها أمر من الله لغير المجتهد أن يقلد المجتهد كما دلت الآية الأولى على وجوب إطاعة أولي الأمر من العلماء المستنبطين لقوله تعالى ولو ردوه إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم كما قرره الفخر وغيره وسيأتي إجماع جميع العلماء على انحصار الاتباع لهؤلاء المذاهب الأربعة من وقتهم إلى يومنا هذا قال الإمام الشعراني ومما يؤيد ذلك ما أجمع عليه أهل الكشف من أن المجتهدين هم الذين ورثوا الأنبياء حقيقة في علوم الوحي فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم كذلك وارثه محفوظ من الخطأ في نفس الأمر وإن خطأه أحد فذلك الخطأ إضافي فقط لعدم اطلاعه على دليل فإن جميع الأنبياء والرسل في منازل رفيعه لم يرثهم فيها إلا العلماء المجتهدون فقام اجتهادهم مقام نصوص الشارع في وجوب العمل به فإنه صلى الله عليه وسلم أباح لهم الاجتهاد في الأحكام تبعا لقوله تعالى ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ومعلوم أن الاستنباط من مقام المجتهدين رضي الله عنهم فهو تشريع عن أمر الشارع انتهى وأما الدليل من الأحاديث النبوية فأصل اختلاف المذاهب ووجوب اتباعهم قوله صلى الله عليه وسلم مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به واجب لا عذر لأحد في تركه فإن لم يكن في كتاب الله فسنة لي ماضية فإن لم يكن في سنة لي ماضية فما قال أصحابي لأن أصحابي كالنجوم في السماء فأيما أخذتم به فقد اهتديتم واختلاف أصحابي لكم رحمة رواه البيهقي في المدخل عن بن عباس مرفوعا قال بن حجر في الخيرات الحسان وسبقه السيوطي في المواهب ففي هذا الحديث إخباره صلى الله عليه
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»