أشد الجهاد - الشيخ داود الموسوى البغدادى - الصفحة ١٠
من من هؤلاء المدعين من أفتى وجلس للدرس في زمان التابعين وهو بن سبعة عشر سنة وشهد له سبعون إماما من كبار التابعين أنه يستحق الافتاء والتدريس وهو بهذا العمر مع وجود أولئك الأكابر كما وقع لمالك والشافعي ومن يشهد له الأكابر من تابع التابعين أنه ليس في الدنيا من يحفظ على الأمة أمر دينها ويكون حجة على أهل الأرض من الكفار والمبتدعين كالإمام أحمد رضي الله عنه وما أشبه ذلك من هذه الأحوال التي هي كالمعجزة في هذا الزمان ومحال أن يكون مثلها الأعلى طريق خرق العادة ولنرجع إلى رد هؤلاء المدعين للاجتهاد المطلق في هذا الزمان في قولهم إنه ليس في حق المذاهب الأربعة حديث وارد في الأخذ بأقوالهم وما ورد أن الأخذ بأقوالهم من الأفعال الحسنة بل لنا الأخذ بالكتاب والسنة فنقول إن القرآن الشريف مصرح بالأخذ بالمذاهب على طريق العموم وفي الأحاديث النبوية كذلك لكن بطريق الإشارة لا بخصوص أربعة بل بعموم المجتهدين ثم آل الأمر إلى الانحصار في الأربعة إذ لم يكن مثلهم بعد هم وأجمع العلماء من زمانهم إلى يومنا هذا على ذلك وكل واحد من الكتاب والسنة حجة تامة ترد هؤلاء الجهلة المدعين أما الكتاب فقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا رجح المفسرون أن أولي الأمر العلماء وقد أمر الله بطاعتهم لدخولهم بطاعة الرسول ورجح هذا القول الآخر أنهم الأمراء من ولاة الأمور بأن ولاة الأمور لا تجب طاعتهم إلا إن وافقت فتاوى العلماء فالعلماء في الحقيقة أمراء الأمراء فكان حمل الآية عليهم أولى وأرجح وذلك أن الأمراء إن كانوا علماء فاتباعهم لعلمهم وإلا فالإمارة وحدها من دون علم لا تفيد وتحتاج إلى العلم والعلماء كما هو ظاهر هكذا قرره الفخر الرازي في تفسيره وزيف ما عداه من الأقوال واستنبط منها أن الكتاب والسنة والإجماع والقياس كلها مأخوذة من نفس هذه الآية فارجع إليه إن أردته قال الفخر الرازي ذهب كثير من الفقهاء أن ظاهر الأمر في الآية للوجوب ورد من خالف في ذلك من المتكلمين قال وقد دللنا على أن قوله تعالى وأولي الأمر منكم يدل على أن الإجماع حجة فنقول كما دل على هذا الأصل فكذالك دل على مسائل كثيرة من
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»