فهذا هو الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس، حتى آل الأمر إلى أن كفرونا وقاتلونا واستحلوا دماءنا وأموالنا، حتى نصرنا الله عليهم وظفرنا بهم، وهو الذي ندعو الناس إليه ونقاتلهم عليه، بعد ما نقيم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة، ممتثلين لقوله تعالى: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " (1). فمن لم يجب الدعوة بالحجة والبيان، دعوناه بالسيف والسنان، كما قال الله تعالى: " ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " (2).
وندعو إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج بيت الله الحرام، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ولله عاقبة الأمور.
فهذا ما نعتقده وندين الله به، فمن عمل على ذلك فهو أخونا المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا.
ونعتقد أيضا أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة، وأنه لا تزال طائفة من أمته على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك. انتهى.
ولا يخفى أن هذا الرجل، بنى شبهته على أن التوسل إلى الله ببركة الأنبياء فمن دونهم عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله، ومن فعل ذلك فقد أشرك بالله. وما درى أن العبادة الشرعية هي التكاليف التي اشتملت عليها الشريعة، سواء كانت معقولة المعنى أو تعبدية، وأن ما خرج عن التكاليف الشرعية ليس من العبادة في شئ. ولم يفرق بين البدعة الموصلة إلى الكفر، المقتضي للقتال، واستباحة الدماء والأموال، وبين غيرها، وإنما قصد ملكا يريد الحصول عليه بعصبية دينية.
ولما شاعت هذه الرسالة في القطر التونسي، بعث بها الباي؟؟؟ أبو محمد حمودة باشا إلى علماء عصره، وطلب منهم أن يوضحوا للناس الحق، فكتب عليها العلامة المحقق، نسيج وحده، أبو الفداء إسماعيل التميمي، كتابا مطولا بديعا، يدل على يد طولى