التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢١
ذلك، والقالبية هي الإتيان بأنواع الخضوع الظاهرية من قيام وركوع وسجود وغيرها مع ذلك الاعتقاد القلبي فإن أتى بواحد منها بدون ذلك الاعتقاد لم يكن ذلك الخضوع عبادة شرعا ولو كان سجودا، وإنما قال العلماء بكفر من سجد للصنم، لأنه أمارة على ذلك الاعتقاد لا لأنه كفر من حيث ذاته، إذ لو كان لذاته كفرا لما حل في شريعة قط فإنه حينئذ يكون من الفحشاء والله لا يأمر بالفحشاء.
وقد كان السجود لغير الله عز وجل على وجه التحية والتكريم مشروعا في الشرائع السابقة وإنما حرم في هذه الشريعة، فمن فعله لأحد تحية وإعظاما من غير أن يعتقد فيه ربوبية كان آثما بذلك السجود، ولا يكون به كافرا إلا إذا قارنه اعتقاد الربوبية للمسجود له، ويرشدك إلى ذلك قوله عز وجل في يعقوب نبي الله وامرأته وبنيه حين دخلوا على يوسف: (وخروا له سجدا).
قال ابن كثير تفسيرها: أي سجد له أبواه وإخوته الباقون وكانوا أحد عشر رجلا، وقد كان هذا سائغا في شرائعهم إذا سلموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه الصلاة والسلام، فحرم هذا في هذه الملة إ ه‍.
المقصود منه، ويوضح لك ذلك أيضا أمره عز وجل الملائكة بالسجود لآدم، فكان سجودهم له عليه الصلاة والسلام عبادة للآمر عز وجل، وإكراما لآدم عليه الصلاة والسلام.
بيان خطأ من قال من الملاحدة إن تعظيم الكعبة والحجر الأسود من الوثنية وجهل من قال بعدم التلازم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وعدم كفاية الأول في النجاة ومن هذا تعلم أن تعظيم البيت بالطواف حوله، وتعظيم الحجر الأسود باستلامه وتقبيله والسجود عليه ليس عبادة شرعا للبيت ولا للحجر وإنما هو عبادة للآمر بذلك عز وجل الذي اعتقد الطائف ربوبيته سبحانه، فليس كل تعظيم الشئ عبادة له شرعا
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»